أدب الموعظة
أدب الموعظة
ناشر
مؤسسة الحرمين الخيرية
ایڈیشن نمبر
الأولى ١٤٢٤هـ
اصناف
ورضا وغضب، واستحسان وستهجان؛ إذ لو سار على أن يكاشف الناس بكل ما يعرض له من هذه الشؤون في كل وقت وعلى أي حال- لاختل الاجتماع، ولانقبضت الأيدي عن التعاون، ولشاعت البغضاء بين الناس؛ فكان من حكمة الله في خلقه أن هيأ الإنسان لأدب يتحامى به ما يحدث تقاطعا، أو يدعو إلى تخاذل؛ ذلك هو أدب المداراة؛ فهو مما يزرع المودة، ويجمع القلوب والمتنافرة.
هـ- من المداراة أن يلقى الواعظ موعظة أمام ذي يد باطشة، فيمنحه جبينا طلقا، ويتجنب في حديثه ما يثير ذلك الباطش.
وهذا محمد قول أبو درداء –﵁: "إنا ليكشر في وجوه أقوام، وإن قلوبنا لتلعنهم".١
وفي هذا الأثر شاهد على أن التبسم في وجه الظالم؛ اتقاء بأسه ضرب من المداراة ولا يتعداه إلى أن يكون مداهنة.
والمداراة ترجع إلى ذكاء الشخص وحكمته؛ فهو الذي يراعي في مقدارها وطريقتها ما ينبغي أن يكون؛ ذلك أن لأسباب العداوة مدخلا في تفاوت مقادير المداراة، واختلاف طرقها.
ز- المداراة يبتغى بها تأليف الناس في حدود ما ينبغي؛ فلا يبعدك عنها
١ - أخرجه البخاري في صحيح معلقا في كتاب الأدب "باب المداراة مع الناس" بصيغة التمريض حيث قال "ويذكر عن أبي الدرداء....." وله طرق أخرجها الحافظ ابن حجر في تغليق التعليق ٥/١٠٢ وفي كل منها مقال، ولعل بعضها يشد بعضا، فيكون السند حسنا لغيره.
1 / 26