13
وبخلاف ما يحدث في اقتصاد الصيد، إن من يمتلك هذه العوامل هم أشخاص مختلفون مخولون بحق الحصول على حصة من عائدات ما يتم إنتاجه؛ فهناك «عمل» العامل الذي ينعكس بالطبع في «الأجور»، وهناك أيضا «رأس المال» - ويسميه سميث «المخزون» - الذي يجمعه أرباب العمل وينعكس في «الأرباح»، إلى جانب استخدام «الأرض» وينعكس في «عائدات الإيجار» التي تدفع لصاحب الأرض.
إذن، فإن الأرض ورأس المال والعمل عوامل ثلاثة تسهم معا في الإنتاج، وتجعل العمال وأرباب العمل وأصحاب الأرض يعتمدون بعضهم على بعض، لكن هذا الاعتماد المتبادل لا يقتصر على الإنتاج، فبما أن معظم الإنتاج يتم بنية التبادل، يتحتم على هؤلاء الانخراط في عملية تقييم وتوزيع المنتجات أيضا؛ وبذلك، يقودنا سميث تدريجيا إلى إدراك أن الإنتاج والتقييم والتوزيع لمخرجات الأمة هي عمليات لا تحدث منعزلة بعضها عن بعض، وإنما تحدث بشكل متزامن باعتبارها أجزاء مترابطة في «منظومة» اقتصادية تعمل بكفاءة، يعد كل فرد طرفا فيها. ولقد كان هذا الطرح أيضا بمنزلة ابتكار نظري هائل. (2-6) كيف تقود الأسواق عجلة الإنتاج؟
ينتقل سميث بعد ذلك إلى شرح كيفية قيام هذه المنظومة ب «قيادة الإنتاج وتوجيهه»، فيقول بأن «سعر السوق» الذي تتبادل به السلع في العادة قد يكون أعلى أو أقل من التكلفة الإجمالية للإنتاج (التي يدعوها سميث «السعر الطبيعي»).
14
ويعتمد هذا السعر على حجم الطلب على السلعة (أو على الأقل الطلب «الفعلي» من جانب المستهلك الذي يملك المال الكافي للشراء)، ومقدار ما يتوفر منها في السوق. وإذا كان سعر السوق أعلى من التكلفة الإجمالية التي يتكبدها البائع، فهذا يعني حصوله على الربح، أما إذا كان أقل، فهذا يعني تكبده للخسارة.
لا يمكن لسعر السوق أبدا أن يظل طويلا أدنى من تكاليف الإنتاج؛ إذ من شأن ذلك أن يؤدي إلى انسحاب البائع كي لا يستمر في تكبد الخسائر، لكنه أيضا لا يمكن أن يستمر في الارتفاع إلى حد بعيد؛ لأن ذلك يؤدي إلى تنبيه المنافسين بوجود أرباح ممكنة؛ مما يزيد العرض، وهذا يؤدي إلى انخفاض سعر السوق مجددا؛ ولذلك، فإن هدف الصناعة يجب أن يتمثل في إنتاج كمية محددة بدقة تضمن توازن السلعة في السوق.
لا شك أن التنافس قد لا يكون مثاليا؛ إذ قد تؤدي الضوابط التنظيمية إلى الحد من القدرة على دخول السوق. وقد يزيد المحتكر الأسعار من خلال إبقاء السوق في حالة من قلة العرض، وربما تكون المعلومات المتوفرة عن السوق غير كافية. فعلى سبيل المثال، قد يبتكر أحدهم طريقة أرخص للإنتاج تدر عليه أرباحا استثنائية طيلة سنين إلى أن يكتشف هذه الطريقة منافسون آخرون؛ ولهذا فإن السعر «الطبيعي» وأسعار السوق قد يختلفان عن بعضهما. (2-7) اعتماد الأجور على النمو الاقتصادي
يمكننا أن نلاحظ وجود العيوب السابقة في «سوق العمل» أيضا؛ فقد تكون الأرض ورأس المال والعمل عناصر تعتمد بعضها على بعض، إلا أن الصراع بين العامل ورب العمل وصاحب الأرض يكون صراعا غير متكافئ. فيقول سميث إن أرباب العمل يعززون القوانين التي تمنع الائتمار فيما بين العمال، على الرغم من أن هذا الائتمار أمر «دائم ومطرد» فيما بين أرباب العمل أنفسهم.
15
نامعلوم صفحہ