ادبیات زبان عربی
أدبيات اللغة العربية
اصناف
إذا طلبوا المعالي لم يهونوا
قال الأصمعي وابن الأعرابي: هو جفينة بالفاء، وكان عنده خبر رجل مقتول، وفيه يقول الشاعر:
تسائل عن أبيها كل ركب
وعند جفينة الخبر اليقين
قال: فسألوا جفينة، فأخبرهم خبر القتيل. وقال بعضهم: هو حفينة بالحاء المهملة. يضرب في معرفة الشيء حقيقة. (71) كلاهما وتمرا
ويروى: كليهما. أول من قال ذلك عمرو بن حمران الجعدي، وكان حمران رجلا لسنا ماردا، وأنه خطب «صدوف»، وهي امرأة كانت تأبد الكلام وتسجع في المنطق، وكانت ذات مال كثير، وقد أتاها قوم كثير يخطبونها فردتهم، وكانت تتعنت خطابها في المسألة، وتقول: لا أتزوج إلا من يعلم ما أسأله عنه ويجيبني بكلام على حده لا يعدوه. فلما انتهى إليها حمران قام قائما لا يجلس، وكان لا يأتيها خاطب إلا جلس قبل إذنها، فقالت: ما يمنعك من الجلوس؟ قال: حتى يؤذن لي، قالت: وهل عليك أمير؟ قال: رب المنزل أحق بفنائه، ورب الماء أحق بسقائه، وكل له ما في وعائه، فقالت: اجلس، فجلس، قالت له: ما أردت؟ قال: حاجة، ولم آتك لجاجة، قالت: تسرها أم تعلنها؟ قال: تسر وتعلن، قالت: فما حاجتك؟ قال: قضاؤها هين، وأمرها بين، وأنت بها أخبر، وبنجحها أبصر، قالت: فأخبرني بها، قال: قد عرضت وإن شئت بينت، قالت: من أنت؟ قال: أنا بشر، ولدت صغيرا، ونشأت كبيرا، ورأيت كثيرا، قالت: فما اسمك؟ قال: من شاء أحدث اسما، وقال ظلما، ولم يكن الاسم عليه حتما، قالت: فمن أبوك؟ قال: والدي الذي ولدني، ووالده جدي فلم يعش بعدي، قالت: فما مالك؟ قال: بعضه ورثته، وأكثره اكتسبته، قالت: فممن أنت؟ قال: من بشر كثير عدده، معروف ولده، قليل صعده، يغنيه أبده، قالت: ما ورثك أبوك عن أوليه؟ قال: حسن الهمم، قالت: فأين تنزل؟ قال: على بساط واسع، في بلد شاسع، قريبه بعيد، وبعيده قريب، قالت: فمن قومك؟ قال: الذين أنتمي إليهم، وأجني عليهم، وولدت لديهم، قالت: فهل لك امرأة؟ قال: لو كانت لي لم أطلب غيرها، ولم أضيع خيرها، قالت: كأنك ليست لك حاجة، قال: لو لم تكن لي حاجة لم أنخ ببابك، ولم أتعرض لجوابك، وأتعلق بأسبابك، قالت: إنك لحمران بن الأقرع الجعدي، قال: إن ذلك ليقال. فزوجته نفسها، وفوضت إليه أمرها.
ثم إنها ولدت له غلاما فسماه عمرا، فنشأ ماردا مفوها، فلما أدرك جعله أبوه راعيا يرعى له الإبل، فبينا هو يوما إذ رفع إليه رجل قد أضر به العطش والسغوب، وعمرو قاعد وبين يديه زبد وتمر وتامك، فدنا منه الرجل فقال: أطعمنى من هذا الزبد والتامك، فقال عمرو: نعم، كلاهما وتمرا. فأطعم الرجل حتى انتهى، وسقاه لبنا حتى روي، وأقام عنده أياما، فذهبت كلمته مثلا. ورفع «كلاهما»: أى لك كلاهما، ونصب «تمرا» على معنى: أزيدك تمرا، ومن روى «كليهما» فإنما نصبه على معنى: أطعمك كليهما وتمرا، وقال قوم: من رفع حكى أن الرجل قال: أنلني مما بين يديك، فقال عمرو: أيما أحب إليك زبد أم سنام؟ فقال الرجل: كلاهما وتمرا، أي مطلوبي كلاهما وأزيد معهما تمرا، أو وزدني تمرا. (72) إن المنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى
المنبت: المنقطع عن أصحابه في السفر، والظهر: الدابة. قاله عليه الصلاة والسلام لرجل اجتهد في العبادة حتى هجمت عيناه، أي غارتا، فلما رآه قال له: إن هذا الدين متين، فأوغل فيه برفق، إن المنبت، أي الذي يجد في سيره حتى ينبت أخيرا، سماه بما تئول إليه عاقبته كقوله تعالى:
إنك ميت وإنهم ميتون .
يضرب لمن يبالغ في طلب الشيء ويفرط حتى ربما يفوته على نفسه. (73) إن الدواهي في الآفات تهترس
نامعلوم صفحہ