136

ولأن لصناعة الطب، بعد هذين الجزئين الكبيرين، أجزاء أصغر منهما، ولتلك 〈الأجزاء〉 أجزاء أخر هى أصغر، يحتاج الطبيب إلى علمها، وإحكامها، فلذلك وضع جالينوس فى أجزاء الطب مقالة مفردة، ليحكم علم ذلك منتحل هذه الصناعة، فيعلم من ذلك أجزاء الجزء الذى يدعيه من صناعة الطب! ومثال ذلك أن علاج الطبايعى هو جزء علمى، وعلاج العين جزء عملى. وكذلك علاج الجبر وعلاج الشق، وعلاج جميع أعمال الحديد، من بط، وكى، وبزل، وحقن، وفصد، وجميع ذلك هى أجزاء عملية، مرتبطة بعلم يتقدمها، يلزم من ادعى أحدها، أن يعلم موضوع عمله: أى جزء هو من أجزاء الجسم، ومماذا هو مركب، ووضع أجزائه، واتصالها، وكم أجناس الأمراض العارضة لذلك الجزء، وكم الأسباب المحدثة لتلك الأمراض، والعلامات الدالة عليها، وأجناس الأدوية الموافقة فى أمراض ذلك العضو، وبالجملة يلزمه معرفة سائر التدابير التى تلاءم علاج أمراضه، وحفظ صحته، وأوقات ذلك، وما أشبهه، مما لابد من علمه. فلذلك أجمع، يجب أن يمتحن منتحل كل جزء من الصناعة، بمساءلتة عما يعمه 〈ذلك الجزء〉، وغيره من أجزاء أخر، إذا كان لها بأسرها أمور تعمها. ثم يساءل كل واحد منهم عما يخصه علمه.

ومثال ذلك، أنه حضر من يدعى علاج العين، فيجب أن يسأل من أى الأعضاء البسيطة ركبت العين، ولم احتيج إلى جزء جزء من أجزائها فى تركيبها. فإنه إن لم يعلم ذلك، لم يعلم بأى الأجزاء يكون الإبصار، ولا بأى الأجزاء يكون الصون والستر، ولا بأيها يكون الحفظ، والتغذية، وبالجملة سائر الأفعال، والمنافع. ومتى لم يعلم مزاج عضو عضو من أجزاء العين البسيطة، مع ما ذكرناه، وكيف وضع تلك الأجزاء، واتصالها، لم يمكنه أن يعلم أنواع جنس جنس من أجناس أمراضها. وإذا لم يعلم ذلك، لم يعلم العلامات الدالة على نوع نوع، وإذا فاته علم العلامات، فاته أيضا علم الأسباب، وإذا فاته علم الأسباب، فاته ماذا يعالج، ولا بماذا يعالج.

وبعد ما ذكرناه، وإحكام علمه، فيجب أن يعلم معالجها قوى الأدوية المفردة، والمركبة، المستعملة فى علاج أمراض العين، وما مبلغ قوى الدواء الواحد، إذ كانت كل قوة بفعل، فيصير بذلك للدواء الواحد المفرد أفعال مختلفة، ولذلك يكون للدواء المركب أفعال أكثر كثيرا من ذلك، وذلك بحسب ما فيه من الأدوية المفردة، والكثرة، والقلة.

صفحہ 143