[chapter 11]
الباب الحادى عشر فيما ينبغى أن يعمله المريض مع عواده
أما ما ينبغى أن يعمله العواد مع المريض، فقد ذكرنا جمله، فيما تقدم فى الباب الذى أفردناه لذلك. فأما ما ينبغى للمريض أن يعمله 〈مع عواده〉، وعن أى المسائل يجب أن يجيب، وعن أيها لا يجيب، فنحن نذكر من جمل ذلك أصولا، يستدل منها على فروعها، فنقول: إن العادات التى قد ألف الناس استعمالها، منها محمودة مستحسنة، ومنها غير محمودة، وإن استحسنها مستعملها. وإنما يفرق بين هذين الصنفين من العادات، أهل العلم والفضل.
فمن العادات المذمومة، ما قد جرت عليه عادات كثيرة من الناس، عند مساءلتهم للمرضى، إذا عادوهم، عن أحوالهم، أن يتبعوا ذلك بالمساءلة عن أمراضهم، حتى أن من العواد للمريض، من يبحث، ويستخبر، عن علامات المرض، وأسبابه، كأنه طبيب ذلك المريض، وليس ذلك لأنه طبيب، ولا لأنه يعلم من الطب شيئا، ولكن ليوهم من حضر، أنه عالم لا يخفى عليه شئ. ولعمرى أن من حضر من العقلاء، بذلك يستدل على جهله، وسوء عقله، إذ سأل عما لا يعنيه أمره، وبحث عما لا يصل إليه بفكره! وأقبح من هذه المساءلة للمريض، والبحث عن مرضه، من عائده، ما رأيته من مسارعة كثير من العواد إلى وصف أدوية المرضى، وأغذية، وأنواع من التدابير، يرسمونها، ويرتبونها لهم، حتى لا يكون بينهم فى ذلك وبين الطبيب، فى الظاهر، فرق بتة، كالذى حكيته من خبر ذلك الشيخ، العائد لبعض المرضى، فى الباب الخامس من أدب عواد المريض. وإنما ذكرت هذا الخبر من جملة أخبار مستظرفة كثيرة، جرت للعواد مع المرضى، لئلا أطيل بذكر أمثاله، وأنقطع بذلك عن غرضى. وأيضا فلعلمى بنفع المرضى 〈و〉عوادهم بذلك، وجب أيضا إحضاره.
صفحہ 116