6 -
أخبرنا أبو بكر , قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسن بن محمد بن عفير الأنصاري , ثنا عبد الصمد بن محمد العباداني , ثنا عبد الصمد بن يزيد , قال: سمعت الفضيل بن عياض , يقول: «من مقت نفسه في ذات الله عز وجل أمنه الله عز وجل من مقته» قال أبو بكر: فإن قال قائل: فبين لي أخلاقها القبيحة. قيل له: هي الأخلاق التي قد استوطنتها النفس , وليس تحب مفارقتها , وهي أخلاق كثيرة إذا تصفح الإنسان نفسه وجدها كذلك. فإنها نفس متبعة للهوى. منهمكة في لذة الدنيا. باسطة لطول أمل عن قليل ينقضي. قليلة الاكتراث لأجل لا بد أن يغشى.
[ص: 257]
راغبة في حب دنيا إذا أحبها قلب عبد قسى. زاهدة في دار نعيمها لا يفنى. محبة لأخلاق تعلم أنها مضرة بها غدا. ضاحكة مستبشرة ناعمة بما عنه مولاها نهى. نفس تحزن على ما لم يجر لها به المقدور مما أملته من الدنيا صباحها والمسا. نفس يخف عليها السعي والكد في طلب الدنيا , نفس تلذ بالفتور عن الخير الذي إليه مولاها دعا. نفس تهم بالنفقة في طاعة الله , فيوعدها الشيطان الفقر , فتميل إلى ما إليه دعا. نفس وعدها الله المغفرة , والفضل فلم تثق , ولم ترض. نفس تثق بوعد مخلوق , وعند وعيد مولاها تتلكا. نفس ترضي المخلوقين بسخط ربها , وعن رضا مولاها تتوانى. نفس ندبها الله إلى الصبر عند المصائب , تعزية منه لها , فلا تقبل العزا. نفس تتصنع للمخلوقين بوفاء الوعد , وفيما عهد الله الكريم إليها قليلة الوفا. نفس تترك المعاصي بعد القدرة عليها , حياء من المخلوقين , وعند نظر الله العظيم إليها قليلة الحيا. نفس قليلة الشكر لله الكريم على نعم لا تحصى.
[ص: 258]
نفس تستعين بنعم الله الكريم على معاصيه في صباحها والمسا. نفس يخف عليها مجالسة البطالين , ويثقل عليها مجالسة العلما. نفس تطيع الغاش , وتعصي أنصح النصحا. نفس تسارع فيما تهوى , وهي تتعلل بالتسويف للتوبة اليوم وغدا. قال أبو بكر محمد بن الحسين: من عرف من نفسه هذه الأخلاق , وغيرها , سارع إلى رياضتها , بحسن الأدب لها؛ ليردها إلى ما هو أولى بها من تقوى الله عز وجل , في السر والعلانية , بالندم الشديد , والنزوع من قبيح ما صح عنده من هذه الأخلاق , إن فيه شيء منها , وإصلاح ما يستأنفه في طول عمره , والله عز وجل الموفق لذلك
نامعلوم صفحہ