حذرا من عدو يريد قتله , أو أخذ ماله , أو انتهاك عرضه . فإن قال قائل: لم ألزمتني هذا الحذر من النفس حتى جعلته أشد حالا من عدو وقد تبينت عداوته؟ قيل له: إن عدوك الذي يريد قتلك , أو أخذ مالك , أو انتهاك عرضك , إن ظفر منك بما يؤمله منك فإن الله عز وجل يكفر عنك به السيئات , ويرفع لك به الدرجات , وليس النفس كذلك؛ لأن النفس إن ظفرت منك بما تهوى مما قد نهيت عنه , كان فيه هلكتك في الدنيا والآخرة , أما في الدنيا فالفضيحة مع شدة العقوبة , وسوء المنزلة عند الله عز وجل مع سوء المنقلب في الآخرة. فالعاقل، يرحمكم الله، يلزم نفسه الحذر والجهاد له أشد من مجاهدة الأقران ممن يريد ماله ونفسه , فجاهدها عند الرضا والغضب , كذا أدبنا نبينا صلى الله عليه وسلم في غير حديث بقوله صلى الله عليه وسلم: «المجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله عز وجل»
صفحہ 251