الأشهاد، بل يتجاوز عن سيئاته بما قدم من حسناته؛ ولو فسرنا ستر المسلم بسكوته لم نبعد، ولكن الأول أظهر.
٢٤- باب: نصر الظالم والمظلوم
عن أنس بن مالك ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: «انصر أخاك ظالما أو مظلوما» . قالوا: يا رسول الله هذا ننصر مظلوما، فكيف ننصره ظالما؟ فقال: «تأخذ فوق يديه» . [رواه البخاري ومسلم والترمذي «١»] .
الشرح:
الإخوة في الدين رابطة متينة؛ وعلاقة وثيقة؛ توجب على المرء السعي في خير أخيه؛ من طريق المساعدة على الخير، والمنع من الشر إن أراده أو سلك طريقه وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ- ترجع- إِلى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ. إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ «٢» .
ولقد أمرنا الرسول ﷺ بنصر الأخ ظالما أو مظلوما، فالمظلوم في حقه أو ماله نمنع عنه الظلم، ونرفع الحيف، بكل ما نستطيع من الوسائل، فإن كان الكلام مجديا في ارعواء «٣» الظالم عن ظلمه آثرناه، وإن كان القضاء هو السبيل لاسترداد الحق المسلوب ساعدناه بالمال رسما للقضايا وأجرا للمحامين، ومكافأة للخبراء، وإن كان لا يرتدع عن بغيه إلا بشكايته على صفائح الجرائد سننا له القلم، وسودنا له الصحائف؛ وإن كان غشوما «٤» لا تردعه إلا القوة سلكنا سبيلها، والمضطر يركب الصعاب؛ والقصد أن تكون يدنا إلى يد المظلوم حتى يأخذ حقه، ويبرد غضبه وتطمئن نفسه.
_________
(١) رواه البخاري في كتاب: المظالم، باب: أعن أخاك ظالما أو مظلوما (٢٤٤٤) . ورواه مسلم في كتاب: الأدب، باب: نصر الأخ ظالما أو مظلوما (٦٥٢٥) بنحوه.
(٢) سورة الحجرات، الآيتان: ٩. ١٠.
(٣) ارعواء: رجوع.
(٤) غشوما: ظالما.
1 / 57