مطلقًا، وأجازه أبو نصر بن الصباغ١، غير أنه خصصه بباب المواريث. قال: لأن الفرائض لا تنبني٢ على غيرها من الأحكام، فأما ما عداها من الأحكام فبعضه مرتبط ببعض.
والأصح أن ذلك لا يختص بباب المواريث، والله أعلم.
القسم الثاني: المفتي الذي ليس بمستقل، ومنذ دهر طويل طوي بساط المفتي المستقل المطلق، والمجتهد المستقل٣، وأفضى أمر الفتوى إلى الفقهاء المنتسبين إلى أئمة المذاهب المتبوعة، وللمفتي المنتسب أحوال أربع:
الأولى: أن لا يكون مقلدًا "لإمامه"٤، لا في المذهب٥ ولا في دليله لكونه قد جمع الأوصاف والعلوم المشترطة في المستقل، وإنما ينتسب إليه لكونه سلك طريقه في الاجتهاد، ودعا إلى سبيله٦.
_________
١ هو "أبو نصر عبد السيد بن محمد بن عبد الواحد بن جعفر بن الصباغ قال السبكي: انتهت إليه رياسة الأصحاب. وكان ورعًا نزهًا تقيًّا، صالحًا زاهدًا، فقيهًا أصوليًّا محققًا. توفي سنة سبع وسبعين وأربعمائة". ترجمته في: البداية والنهاية: ١٢/ ١٢٦، الجواهر المضية: ١/ ٣١٦، العبر ٣/ ٢٨٧، طبقات الشافعية للسبكي: ٥/ ١٢٢.
٢ في ف وج "لا تبتني".
٣ قال السيوطي في كتاب "الرد على من أخلد ... ": ٩٣ "لهج كثير من الناس اليوم بأن المجتهد المطلق فقد من قديم، وأنه لم يوجد من دهر إلا المجتهد المقيد. وهذا غلط منهم، ما وقفوا على كلام العلماء، ولا عرفوا الفرق بين المجتهد المطلق والمجتهد المستقل، ولا بين المجتهد المقيد ولا المجتهد المنتسب، وبين كل مما ذكر فرق؛ ولهذا ترى أن من وقع في عبارته المجتهد المستقل مفقود من دهر، ينص في موضع آخر على وجود المجتهد المطلق، وللتحقيق في ذلك أن المجتهد المطلق أعم من المجتهد المستقل، وغير المجتهد المقيد، فإن المستقل هو الذي استقل بقواعد لنفسه بنى عليها الفقه خارجًا عن قواعد المذاهب المقررة، وهذا شيء فقد من دهر بل لو أراده الإنسان اليوم لامتنع عليه، ولم يجز له، نص عليه غير واحد ... ".
٤ من ف وج وش وفي الأصل: "لأئمته".
٥ في ف وج "المذاهب".
٦ "الرد على ... " للسيوطي: ٩٥.
1 / 91