وهنا يقول عنه المترجم بحياته هنري لويس: «لما عاد إلى فيمار تولاه الحزن؛ لأنه وجد كثيرا من الخطابات بشأن قصته «آلام فرتر»؛ وذلك لأنه عرف أنه قد ترجم العواطف المسرفة أو الكاذبة إلى أشعار، ولم يكن هناك ما هو أبغض إلى طبيعته السليمة من هذه الإحساسات التي جعلته يخجل من قصته هذه، بل إنه شرع يكافح هذا المذهب الفرتري.»
وهناك من القصص ما هو مخاطي خاثر، ينزع بقارئه إلى الضعف والميوعة، مثل أحزان أو آلام فرتر، ومن هنا استنكار مؤلفها لها.
ويستطيع القارئ لحياة جيته أن يستخرج منها العشرات من العبر، أولها وأعظمها عزيمة الارتقاء التي لا تهن، فإنه كان سريعا إلى تغيير دراساته، كما كان مكبا على الاختبارات التي يستمتع بها أو ينتفع، وشعاره في كل ذلك: الارتقاء.
والعبرة الثانية أنه فطن إلى أن الحياة كل يستوعب، وليست جزءا تتخصص فيه؛ ولذلك هو لا يبالي أن يعيره «هردر» بأنه ترك الأدب كي يدرس الخضروات والأحجار؛ لأنه وجد في العلم قيمة لم يجدها هيردر.
والعبرة الثالثة هي النضج؛ فإنه عندما رأى أن قصته آلام فرتر تجعل الشباب يحلمون ويهيمون في العواطف الكاذبة، سارع إلى الدعوة ضد ما ألفه وإلى أن العقل يجب أن يسود العاطفة.
والعبرة الرابعة أنه كان ينظر إلى الدنيا، بل حياته، النظرة الموضوعية، حتى لنجده في سن الثلاثين يضع التخطيطات لما سماه «هرم حياتي».
وفي كل هذا ما يجب علينا أن نعرفه ونحتذيه.
أي يجب أن نكبر فلا نترك حياتنا لغوا بلا دلالة، ويجب أن نقف من وقت لآخر تلك الوقفة التي وقفها جيته، يتأمل ماضيه ويستطلع مستقبله ثم يضع البرنامج.
وأخيرا يجب أن نستوعب الدنيا، بل الكون كله، في عقولنا حتى ننضج، وأن تكون لنا على الدوام إرادة الرقي التي كانت الميزة الأولى في حياة جيته.
لي أسلوبي الخاص
نامعلوم صفحہ