إن الأدباء هم كهنة الشعب وأئمته ووعاظه العصريون، وهم الذين يرسمون الخطط، ويعينون الأذواق، ويفتحون المستقبل، ويسمون إلى أرقى المستويات في الفكر والعمل، فماذا نقول في هؤلاء «الأدباء» وتاريخهم في الحياة السياسية والاجتماعية في مصر؟
إني حين أتأملهم أحس أني ظلمت شوقي؛ فإنه قد نشأ على أعتاب القصور لا يعرف الشعب إلا أنه «رعية»، ولا يفهم أكثر من أن الدنيا للملوك والأمراء، أما هؤلاء فما عذرهم؟! •••
لا، لم تكن الإنسانية غاية الأدب من الأدباء الكبار في مصر طوال النصف الأول من القرن العشرين، ولكن مع ذلك ظهر أدباء الشباب الجدد الذين ألفوا القصة، ودرسوا المذاهب، وشرعوا يبعثون حركة رومانتية بدأت تؤتي ثمارها.
هكذا أفهم الأدب في مصر
عندما ننقد الأدب في مصر، وأيضا في سائر الأقطار العربية، يجب ألا ننسى هذا العائق السيكلوجي الذي يحول دون الإجادة، وهذا العائق هو تلك العادات الذهنية والعاطفية التي ورثناها عن مجتمع شرقي استبدادي يرأسه ملك أو أمير، وتندغم فيه الدولة في الدين، ويجري نظامه على الأسلوب الإقطاعي الزراعي.
أسلوب السيد الثري حوله الخدم الفقراء أو المحرومون.
وأسلوب رب العائلة الذي يسيطر على الزوجة والأبناء.
وأسلوب الزراعة التي تحيل صاحب الأرض إلى ملك صغير.
هذا النظام ورثناه بما فيه من أخلاق تساوقه وتؤيده، وهي أخلاق أنأى ما تكون عن الديمقراطية.
وفاجأنا العصر الجديد باحتلال الأوروبيين لبلادنا، وبانتشار المدارس التي وصلت بيننا وبين الثقافة الأوروبية العصرية، فأخذنا بقيم جديدة في الحياة والأخلاق، ولكن لأننا لم نأخذ بأساس هذه القيم وهو الصناعة، فإنها - أي هذه القيم الجديدة - لم تثبت في مجتمعنا ولم تعمه كله.
نامعلوم صفحہ