هذا الأسلوب التعليمي هو أروع ما في سلامة موسى الرجل، هذه الرسالة التي وجد نفسه ملزما بها هي الخاصة الظاهرة في حياته وأسلوبه.
إن هذا الأسلوب الذي يعلمك، بغير أن يتعالم عليك، هو الصفة الكبيرة التي تجعل سلامة في جانب، وكل الكتاب في جانب آخر.
ولعل هذه النزعة التعليمية، هذه «الرسالة»، هي التي طبعت سلامة موسى بطابعه الذي تعرفونه، فأولا قد كلفته الرسالة ما تكلف الرسالة، وما كلفت من قديم أهلها والقائمين بها.
أولا:
كلفته أن يضحي، فضحى بكل شيء، إن الرسالة في صميمها ضرب من الهواية القاتلة، الهواية التي تجعلك تحتمل الآلام، تجعلك تحتمل كل شيء إلا أن تتحول عن تأديتها، وقد كلفته أن يندمج في غمار الذين يحمل إليهم الرسالة، ولا عيب في هؤلاء الذين يحملها إليهم إلا أنهم، كغيرهم، يجدون التبديل صعبا والتغيير قاسيا، فيشيرون إلى صاحب الرسالة. «من هذا الشخص الغريب الذي يتكلم كلاما غريبا؟!»
كلفته أن يكون صريحا ، وأن يكون صارما في الحق، وأن يقول ما يعتقد، وكلفته فوق كل ذلك أن يعادي بغير أن يعرف كيف يعادي.
وثانيا:
كلفته أن يذيعها وأن يكتب عنها، وأن يتحدث، وأن يؤلف، وأن يسمعها للناس بأية الطرق، فلهذا سار يكتب في مجلات يعرف سلامة وتعرفون أنتم أن أصحابها لا يرقون إلى فهم سلامة، فإذا أنت آخذت سلامة، أجابك في هدوئه المعتاد: ورقة واحدة يقرؤها شخص واحد تشعرني أني قمت بواجبي.
وما هي هذه الرسالة التي تقلق جوانب سلامة موسى وتحيك في صدره؟
هذه الرسالة هي: التغيير في الأسلوب القديم، أسلوب التفكير، أسلوب الكتابة، أسلوب الحياة.
نامعلوم صفحہ