وقال الزجاج في هذه الآية: والدعاء على ثلاثة أضرب؛ فضرب توحيد وثناء على الله؛ كقوله: لا إله إلا [الله]، ولا إله إلا أنت، ونحوه، وضرب منها: أن يسأل الله العفو والمغفرة والرحمة، وما يقرب منه؛ كقوله: {اغفر لنا}،وضرب: مسألة الحظ من الدنيا؛ كقوله: ارزقني مالا، وولدا، وما أشبه هذا.
وقوله تعالى: {إنه يعلم الجهر من القول}؛ معناه: إذا اشتدت الأصوات وتعالت؛ فإنه يسمع كل شخص بعينه، ولا يشغله سمع عن سمع.
وقوله -عز وجل-: {ادعوا ربكم تضرعا وخفية}.
قال الزجاج: تضرعا: تملقا، وحقيقته -والله أعلم-: أن يدعوه خاضعين متعبدين، وخفية؛ أي: اعتقدوا عبادته في أنفسكم؛ لأن الدعاء معناه العبادة.
وقال تعالى مادحا المتذللين في الدعاء والانكسار: {إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين}، فمدحهم الله -عز وجل- بدعائهم له رغبا راغبين فيه، ورهبا خشوعهم في الدعاء.
وقوله -عز وجل-: {وادعوه خوفا وطمعا}.
قال الزجاج: أي: ادعوه خائفين عذابه، وطامعين في رحمته.
ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لن يدخل أحد الجنة بعمله)) قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟! قال: ((ولا أنا، إن لم يتغمدني الله برحمته)).
صفحہ 36