ادب عرب
أدب العرب: مختصر تاريخ نشأته وتطوره وسير مشاهير رجاله وخطوط أولى من صورهم
اصناف
شاعران مختلفان معنى ومبنى وإن كانا من الشعراء الأولين، فكأنهما لم يعيشا في عصر واحد، بل كأن بينهما ألف عام.
أما الأسباب فإليكها: عاش الشنفرى كما مر بك عيشة شظف وخشونة ليس بعدها خشونة، في بيئة هي أخشن البيئات كما مثلها في لاميته، فجاء شعره خشن المعنى والمبنى.
أنت تكره تلك الخشونة وتأنس بسهولة المهلهل ورقته، إنما عليك أن تعلم أن الشنفرى أليف المحسوسات، لا يصف إلا السلب والنهب وما يتبعهما من أهوال ومخاوف، فترى ذلك الجفاء وتلك الغلظة في نظمه؛ لأن الموضوع يتطلبها، فهي إذن متفقة كل الاتفاق مع موضوعاته.
وبالعكس المهلهل، فإنه رق لأنه عاش عيشة ترف ورخاء، فبعد عن كل خشونة.
فإذا رأيت شاعرا يصلب ويلين ولو في القصيدة الواحدة فلا تعلل ذلك بالانتحال، بل انظر إلى الموضوع والمعاني، فقد يستدعي معنى ما رقة وعذوبة لفظ كما يستدعي معنى غيره شدة أسر وخشونة لفظ، وقد يكون ذلك كله في قصيدة واحدة. (2) أصحاب المعلقات السبع
الشاعر:
الشاعر علم القبيلة وخطيبها المدره، ولذلك كان له المقام الأول في القبيلة، وكانت القبيلة تهنأ كما قال صاحب العمدة «ابن رشيق» بظهور شاعر فيها لشدة احتياجها إليه فتولم الولائم وتقام الأفراح.
ولذلك ترى أكثر الشعر الجاهلي خطابي اللهجة؛ لأنه كان يلقى على الجماهير، ولا بدع في ذلك؛ فالشاعر كان الخطيب، في المفاخرة والمنافرة ... إلخ.
وما هذه العاطفة التي تراها في مطلع كل قصيدة إلا نتيجة تنقلهم المستمر الذي يولد فيهم هذه العواطف، فيصورونها لك شعرا يعرب عما في نفوسهم من تأثر.
فما العربي الجاهلي إلا مسافر لا يقر له قرار، ولا ينام إلا على سفر.
نامعلوم صفحہ