ادب دنیا و دین
أدب الدنيا والدين
ناشر
دار مكتبة الحياة
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
1407 ہجری
پبلشر کا مقام
بيروت
اصناف
تصوف
تَعَالَى: ﴿لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ﴾ [النساء: ١٢٣] .
وَرَوَى الْأَعْمَشُ عَنْ سُلَيْمٌ قَالَ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ ﵁: «يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَشَدَّ هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ﴾ [النساء: ١٢٣] . فَقَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ إنَّ الْمُصِيبَةَ فِي الدُّنْيَا جَزَاءٌ» . وَاخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ فِي تَأْوِيلِ قَوْله تَعَالَى: ﴿سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ﴾ [التوبة: ١٠١] . فَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَحَدُ الْعَذَابَيْنِ الْفَضِيحَةُ فِي الدُّنْيَا، وَالثَّانِي عَذَابُ الْقَبْرِ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ: أَحَدُ الْعَذَابَيْنِ مَصَائِبُهُمْ فِي الدُّنْيَا فِي أَمْوَالِهِمْ وَأَوْلَادِهِمْ، وَالثَّانِي عَذَابُ الْآخِرَةِ فِي النَّارِ.
وَلَيْسَ وَإِنْ نَالَ أَهْلُ الْمَعَاصِي لَذَّةً مِنْ عَيْشٍ أَوْ أَدْرَكُوا أُمْنِيَةً مِنْ دُنْيَا كَانَتْ عَلَيْهِمْ نِعْمَةً، بَلْ قَدْ يَكُونُ ذَلِكَ اسْتِدْرَاجًا وَنِقْمَةً.
وَرَوَى ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ عَامِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «إذَا رَأَيْت اللَّهَ تَعَالَى يُعْطِي الْعِبَادَ مَا يَشَاؤُنِ عَلَى مَعَاصِيهِمْ إيَّاهُ فَإِنَّمَا ذَلِكَ اسْتِدْرَاجٌ مِنْهُ لَهُمْ ثُمَّ تَلَا: ﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ﴾ [الأنعام: ٤٤] .»
فَأَمَّا الْمُحَرَّمَاتُ الَّتِي يَمْنَعُ الشَّرْعُ مِنْهَا وَاسْتَقَرَّ التَّكْلِيفُ، عَقْلًا أَوْ شَرْعًا، بِالنَّهْيِ عَنْهَا فَتَنْقَسِمُ قِسْمَيْنِ. مِنْهَا مَا تَكُونُ النُّفُوسُ دَاعِيَةً إلَيْهَا، وَالشَّهَوَاتُ بَاعِثَةً عَلَيْهَا، كَالسِّفَاحِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ، فَقَدْ زَجَرَ اللَّهُ عَنْهَا؛ لِقُوَّةِ الْبَاعِثِ عَلَيْهَا، وَشِدَّةِ الْمَيْلِ إلَيْهَا بِنَوْعَيْنِ مِنْ الزَّجْرِ:
أَحَدُهُمَا: حَدٌّ عَاجِلٌ يَرْتَدِعُ بِهِ الْجَرِيءُ.
وَالثَّانِي: وَعِيدٌ آجِلٌ يَزْدَجِرُ بِهِ التَّقِيُّ. وَمِنْهَا مَا تَكُونُ النُّفُوسُ نَافِرَةً مِنْهَا، وَالشَّهَوَاتُ مَصْرُوفَةً عَنْهَا، كَأَكْلِ الْخَبَائِثِ وَالْمُسْتَقْذِرَات وَشُرْبِ السَّمُومِ الْمُتْلِفَاتِ، فَاقْتَصَرَ اللَّهُ فِي الزَّجْرِ عَنْهَا بِالْوَعِيدِ وَحْدَهُ دُونَ الْحَدِّ؛ لِأَنَّ النُّفُوسَ مُسْتَعِدَّةٌ فِي الزَّجْرِ عَنْهَا، وَمَصْرُوفَةٌ عَنْ رُكُوبِ الْمَحْظُورِ مِنْهَا. ثُمَّ أَكَّدَ اللَّهُ زَوَاجِرَهُ بِإِنْكَارِ الْمُنْكِرِينَ لَهَا فَأَوْجَبَ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ
1 / 94