177

ادب دنیا و دین

أدب الدنيا والدين

ناشر

دار مكتبة الحياة

ایڈیشن نمبر

الأولى

اشاعت کا سال

1407 ہجری

پبلشر کا مقام

بيروت

اصناف

تصوف
إلَى اجْتِلَابِ الذَّمِّ وَإِحْبَاطِ الشُّكْرِ. وَلَيْسَ فِيمَا أَفْضَى إلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَيْرٌ يُرْجَى وَهُوَ جَدِيرٌ أَنْ يَكُونَ شَرًّا يُتَّقَى. وَلِمِثْلِ هَذَا كَانَ مَنْعُ الْجَمِيعِ إرْضَاءً لِلْجَمِيعِ وَعَطَاءً يَكُونُ الْمَنْعُ أَرْضَى مِنْهُ خُسْرَانُ مُبِينٌ. فَأَمَّا إذَا كَانَ الْبَذْلُ وَالْعَطَاءُ عَنْ سُؤَالٍ فَشُرُوطُهُ مُعْتَبَرَةٌ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا فِي السَّائِلِ، وَالثَّانِي فِي الْمَسْئُولِ.
فَأَمَّا مَا كَانَ مُعْتَبَرًا فِي السَّائِلِ فَثَلَاثَةُ شُرُوطٍ: فَالشَّرْطُ الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ السُّؤَالُ لِسَبَبٍ، وَالطَّلَبُ لِمُوجِبٍ. فَإِنْ كَانَ لِضَرُورَةٍ ارْتَفَعَ عَنْهُ الْحَرَجُ وَسَقَطَ عَنْهُ اللَّوْمُ. وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: الضَّرُورَةُ تُوَقِّحُ الصُّورَةَ. وَقَالَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ:
أَلَا قَبَّحَ اللَّهُ الضَّرُورَةَ إنَّهَا ... تُكَلِّفُ أَعْلَى الْخَلْقِ أَدْنَى الْخَلَائِقِ
وَلِلَّهِ دَرُّ الِاتِّسَاعِ فَإِنَّهُ ... يُبَيِّنُ فَضْلَ السَّبْقِ مِنْ غَيْرِ سَابِقِ
وَقَالَ الْكُمَيْتُ:
إذَا لَمْ تَكُنْ إلَّا الْأَسِنَّةُ مَرْكَبًا ... فَلَا رَأْيَ لِلْمُضْطَرِّ إلَّا رُكُوبُهَا
فَإِنْ ارْتَفَعَتْ الضَّرُورَةُ وَدَعَتْ الْحَاجَةُ فِيمَا هُوَ أَوْلَى الْأَمْرَيْنِ أَنْ يَكُونَ وَإِنْ جَازَ أَنْ لَا يَكُونَ فَالنَّفْسُ الْمُسَامِحَةُ تَغْلِبُ الْحَاجَةَ، وَتَسْمَحُ فِي الطَّلَبِ، وَتُرَاعِي مَا اسْتَقَامَ بِهِ الْأَمْرُ، وَإِنْ نَالَهُ ذُلٌّ وَلَحِقَهُ وَهْنٌ فَيَتَأَوَّلُ صَاحِبُهَا قَوْلَ الْبُحْتُرِيِّ:
وَرُبَّمَا كَانَ مَكْرُوهُ الْأُمُورِ إلَى ... مَحْبُوبِهَا سَبَبًا مَا مِثْلُهُ سَبَبُ
وَالنَّفْسُ الشَّرِيفَةُ تَطْلُبُ الصِّيَانَةَ، وَتُرَاعِي النَّزَاهَةَ، وَتَحْتَمِلُ مِنْ الضُّرِّ مَا احْتَمَلَتْ، وَمِنْ الشِّدَّةِ مَا طَاقَتْ، فَيَبْقَى تَحَمُّلُهَا وَيَدُومُ تَصَوُّنُهَا، فَتَكُونُ كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
وَقَدْ يَكْتَسِي الْمَرْءُ خَزَّ الثِّيَابِ ... وَمِنْ دُونِهَا حَالُهُ مُضْنِيَهْ

1 / 192