ادب دنیا و دین

الماوردي d. 450 AH
132

ادب دنیا و دین

أدب الدنيا والدين

ناشر

دار مكتبة الحياة

ایڈیشن نمبر

الأولى

اشاعت کا سال

1407 ہجری

پبلشر کا مقام

بيروت

اصناف

تصوف
مَأْلُوفٌ، وَلَا خَيْرَ فِيمَنْ لَا يَأْلَفُ وَلَا يُؤْلَفُ، وَخَيْرُ النَّاسِ أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ» . وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «إنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَرْضَى لَكُمْ ثَلَاثًا وَيَكْرَهُ لَكُمْ ثَلَاثًا. يَرْضَى لَكُمْ أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِهِ جَمِيعًا وَلَا تَتَفَرَّقُوا وَأَنْ تُنَاصِحُوا مَنْ وَلَّاهُ اللَّهُ أَمْرَكُمْ، وَيَكْرَهُ لَكُمْ قِيلَ وَقَالَ وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ وَإِضَاعَةَ الْمَالِ» . وَكُلُّ ذَلِكَ حَثٌّ مِنْهُ ﷺ عَلَى الْأُلْفَةِ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: مَنْ قَلَّ ذَلَّ وَقَالَ قَيْسُ بْنُ عَاصِمٍ: إنَّ الْقِدَاحَ إذَا اجْتَمَعْنَ فَرَامَهَا ... بِالْكَسْرِ ذُو حَنَقٍ وَبَطْشٍ أَيِّدِ عَزَّتْ فَلَمْ تُكْسَرْ وَإِنْ هِيَ بُدِّدَتْ ... فَالْوَهْنُ وَالتَّكْسِيرُ لِلْمُتَبَدِّدِ وَإِذَا كَانَتْ الْأُلْفَةُ بِمَا أُثْبِتَ تَجْمَعُ الشَّمْلَ وَتَمْنَعُ الذُّلَّ، اقْتَضَتْ الْحَالُ ذِكْرَ أَسْبَابِهَا. وَأَسْبَابُ الْأُلْفَةِ خَمْسَةٌ وَهِيَ: الدِّينُ وَالنَّسَبُ وَالْمُصَاهَرَةُ وَالْمَوَدَّةُ وَالْبِرُّ. فَأَمَّا الدِّينُ: وَهُوَ الْأَوَّلُ مِنْ أَسْبَابِ الْأُلْفَةِ فَلِأَنَّهُ يَبْعَثُ عَلَى التَّنَاصُرِ، وَيَمْنَعُ مِنْ التَّقَاطُعِ وَالتَّدَابُرِ. وَبِمِثْلِ ذَلِكَ وَصَّى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَصْحَابَهُ، فَرَوَى سُفْيَانُ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ ﵁ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَا تَقَاطَعُوا وَلَا تَدَابَرُوا وَلَا تَحَاسَدُوا وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إخْوَانًا لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثٍ» . وَهَذَا وَإِنْ كَانَ اجْتِمَاعُهُمْ فِي الدِّينِ يَقْتَضِيهِ فَهُوَ عَلَى وَجْهِ التَّحْذِيرِ مِنْ تَذَكُّرِ تُرَاثِ الْجَاهِلِيَّةِ وَإِحَنِ الضَّلَالَةِ. فَقَدْ بُعِثَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَالْعَرَبُ أَشَدُّ تَقَاطُعًا وَتَعَادِيًا، وَأَكْثَرُ اخْتِلَافًا وَتَمَادِيًا، حَتَّى إنَّ بَنِي الْأَبِ الْوَاحِدِ يَتَفَرَّقُونَ أَحْزَابًا فَتُثِيرُ بَيْنَهُمْ بِالتَّحَزُّبِ وَالِافْتِرَاقِ أَحْقَادُ الْأَعْدَاءِ، وَإِحَنُ الْبُعَدَاءِ. وَكَانَتْ الْأَنْصَارُ أَشَدَّهُمْ تَقَاطُعًا وَتَعَادِيًا، وَكَانَ بَيْنَ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ مِنْ الِاخْتِلَافِ وَالتَّبَايُنِ أَكْثَرُ مِنْ غَيْرِهِمْ إلَى أَنْ أَسْلَمُوا فَذَهَبَتْ

1 / 147