131

Acts of the Messenger ﷺ and Their Indications for Sharia Rulings

أفعال الرسول ﷺ ودلالتها على الأحكام الشرعية

ناشر

مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع

ایڈیشن نمبر

السادسة

اشاعت کا سال

١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م

پبلشر کا مقام

بيروت - لبنان

اصناف

(يعني السرخسي) قسما أفعاله ﷺ أربعة أقسام. والقاضي الإمام (١)، وسائر الأصوليين قسموها ثلاثة: واجب ومستحب ومباح. وأرادوا بالواجب الفرض. وهذا أقرب إلى الصواب، لأن الواجب الاصطلاحي ما ثبت بدليل فيه اضطراب، ولا يتصور ذلك في حقه ﷺ، لأن الدلائل الموجبة في حقه كلها قطعيّة".
هذا ما قال. ولكن بتدقيق النظر يتبين أن كلام الإمامين البزدوي والسرخسي صواب. وذلك أنهم يثبتون أن النبي ﷺ كان متعبّدًا بالاجتهاد، وأن اجتهاده قد يداخله الخطأ (٢)، كما تقدم. وهم وإن قالوا إنه لا يقرّ عليه، إلاّ أنه ﷺ عندما يقدم على الفعل باجتهاد، يقدم عليه بدليل ظنّيّ هو القياس. وشبهة الخطأ في القياس قائمة، بدليل أن الخطأ وقع فعلًا، كما قد أثبتوا ذلك.
فهذا يبينّ أن ما ذهب إليه البزدوي والسرخسي صحيح ثابت، وأن ما رجحه البخاري مرجوح.
أقول: وينبغي أن يقال مثل هذا القول على مذهب الحنفية، في المحرّم والمكروه. فما كُلِّف ﷺ بتركه حتمًا نصًا فهو محرم، وما رأى اجتهادًا منه أنه مكلف بتركه، فهو مكروه كراهة تحريم. فإذا أُقر عليه تبين أنه محرم. والله أعلم.
انحصار أفعاله ﷺ في الواجب والمحرم، من جهة منصب البيان:
ذكر الشاطبي (٣) أن القائم في مقام البيان عن الشريعة له في أفعاله وأقواله اعتباران:
أحدهما: من حيث إنه واحد من المكلفين، ينقسم حكم فعله إلى الأحكام الخمسة وهذا ما قدمنا ذكره في المسائل السابقة من هذا المبحث.
والثاني: من حيث إن أفعاله وأحواله صارت بيانًا وتقريرًا لما شرع الله عزّ

(١) لعله يعني أبا زيد الدبوسي.
(٢) انظر تيسير التحرير ٤/ ١٨٤
(٣) الموافقات ٣/ ٣١٨

1 / 137