موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين
موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين
اصناف
{وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين} بعد أن أجاب الله تعالى الملائكة عن سؤالهم بجواب نبه فيه على الأدب اللائق بمن يخاطبه الله من عباده بأنه سيقضي أمرا، تفضل بإبداء جانب من حكمة خلق آدم، وجعله خليفة في الأرض ، وهو أنه سيزوده من العلم بما يكفي لأن تكون مصلحة خلقه، وإقامته خليفة، أرجح وأعظم من المفسدة التي تنشأ عن ذلك، فقال تعالى: {وعلم آدم الأسماء كلها}.
والأسماء: جمع اسم، والاسم: ما يكون علامة على الشيء. وتأكيد الأسماء بلفظ: {كلها} ظاهر في أنه علمه أسماء كل ما خلق من المحدثات. ويصح حمل الأسماء على خواص الأشياء ومنافعها؛ فإن الخواص والمنافع علامات على ما تتعلق به من الحقائق.
وعرض الشيء: إظهاره. والضمير في قوله: {عرضهم} عائد على المسميات، وهي مفهومة من قوله: {الأسماء كلها}؛ إذ الأسماء لا بد لها من مسميات، فإذا جرى حديث عن الأسماء، حضر في ذهن السامع ما هو لازم لها؛ أعني: المسميات. ومدار عود الضمائر في اللغة على أن يكون معادها مذكورا في نظم الكلام، أو مفهوما من سياق الحديث. ودل على المسميات بضمير جمع الذكور العقلاء، فقال: {عرضهم} ولم يقل: عرضها؛ لأن في جملة هذه المسميات أنواعا من العقلاء: الملائكة، والإنس، والجن، ومن الأساليب المعروفة بين فصحاء العرب تغليب الكامل على الناقص، فإذا اشتركا في نحو الجمع أو التثنية، أتي بالجمع أو التثنية على ما يطابق حال الكامل منهما.
صفحہ 63