موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين

محمد خضر حسین d. 1377 AH
34

موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين

موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين

اصناف

وأشار إلى المثل الثاني بقوله تعالى:

{أو كصيب من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق}:

والصيب: المطر، ويطلق على السحاب. والسماء: هذه المظلة المزينة بالكواكب، وكل ما علاك من سقف ونحوه. والرعد: الصوت الذي يسمع من السحاب. والبرق: الذي يلمع من السحاب. وفي الجملة إيجاز بحذف ما دل عليه المقام دلالة واضحة. والتقدير: أو كمثل ذوي صيب ... إلخ. والمعنى: أن قصة هؤلاء المنافقين مشبهة بقصة الذي استوقد نارا، أو قصة ذوي صيب.

{يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق حذر الموت}:

{الصواعق}: جمع صاعقة. والصاعقة: قصفة؛ أي: صوت هائل من رعد شديد، تنقض معه نار لا تمر بشيء إلا دمرته. و (من) في قوله تعالى: {من الصواعق} للتعليل. وإنما كانت الصواعق داعية إلى سدهم آذانهم بأصابعهم، من جهة أنها قد تفضي بصوتها الهائل إلى موت. وجاء هذا صريحا في قوله تعالى: {حذر الموت}. يقال: صعقته الصاعقة: إذا أهلكته بشدة صوتها، أو بالإحراق.

والمعنى: يسدون آذانهم من أجل الصواعق حذرا من أن تقتلهم بروعة صوتها. والمعروف أن الذي يجعل في الأذن عند الفزع من الصوت الرائع رؤوس الأصابع، وهي الأنامل، ولكنه قيل: {يجعلون أصابعهم} مسايرة للمألوف في اللغة من نسبة ما يكون لبعض الشيء إلى ذلك الشيء، حيث يكون المراد جليا واضحا، وهو معدود من سعة التصرف في اللغة.

صفحہ 38