304

موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين

موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين

ایڈیٹر

علي الرضا الحسيني

ناشر

دار النوادر

ایڈیشن

الأولى

اشاعت کا سال

1431 ہجری

پبلشر کا مقام

سوريا

اصناف

في أن يسبقه إليها. فالأمر بالاستباق أمر بأقصى ما يمكن من السرعة. والخيرات: جمع خيرة، وهي الفاضلة من الشيء. والمراد: الأعمال التي اختارها الله للعباد ورضيها. والمعنى: لكل فريق قبلة يتجهون إليها، فسارعوا أنتم جهدكم إلى ما اختاره الله لكم من الأعمال التي من جملتها التوجه إلى الكعبة للصلاة.
﴿أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾:
هذا وعد لمن يطيع أمر الله، ويستبق الخيرات، ووعيد لمن يخالف أمره، وينصرف عن عمل الخير؛ كالذين يكتمون الحق وهم يعلمون، أو يولون وجوههم غير المسجد الحرام؛ فالله يأتي بالفريقين المطيعين والمخالفين يوم البعث من أي مكان أدركهم فيه الموت؛ ليجازي كل فريق على حسب طاعته أو مخالفته، ولا يعجزه ذلك، لأنه قادر على كل شيء.
﴿وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾:
شرع القرآن الكريم تحويل القبلة إلى الكعبة، وكرر الأمر بتولية الوجوه إليها في الصلاة، وكرر الوعيد على عدم اتباعها، وأتى في ذلك بوجوه من التأكيد تدل على عناية بالغة بشأنها؛ والمقتضي لهذه العناية، مع أن التوجه إلى القبلة فرع من فروع الدين، لا ركن من أركانه: هو أن التحويل جاء على خلاف رغبة اليهود؛ إذ كانوا يحرصون على أن يستمر المسلمون على التوجه إلى قبلتهم بيت المقدس، فاتخذوا من تحويل القبلة شبهة يقدحون بها في صحة النبوة؛ ليفتنوا ضعفاء العقيدة، وزعموا أن نسخ الحكم بعد شرعه منافٍ للحكمة، فلا يقع في الشرائع الإلهية، وانتشر تهويشهم، وكان له فيما يروى أثر في بعض النفوس الضعيفة، وبهذا أخذت مسألة القبلة شأنًا

1 / 270