موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين

محمد خضر حسین d. 1377 AH
119

موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين

موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين

اصناف

من لم تبلغهم دعوة النبي - صلى الله عليه وسلم - على وجهها، وكانوا ينتمون إلى دين صحيح في أصله، متى كانوا يؤمنون بالله واليوم الآخر، ويعملون الأعمال # الصالحة على وجه ما أرشدهم إليه الدين الذي ينتمون إيه، فلهم أجور على إيمانهم، وعلى ما عملوا من خير. وأما الذين بلغتهم دعوة الدين الحنيف، ولم يقبلوها، فلا ينفعهم إلا أن يؤمنوا بالله واليوم الآخر، ومن بعث بالشريعة العامة الخالدة، ولا ينالون من أجر الآخرة إلا على ما يعملون من صالح، والعمل الصالح في عرف الشرع الإسلامي: ما يبتغى به وجه الله، ويكون موافقا للوضع الذي اعتد به الشارع في العبادات والمعاملات، والحكم والقضاء.

والإيمان المشار إليه في قوله تعالى: {من آمن} يفهم بالنسبة لليهود والنصارى والصابئين بمعنى صدور الإيمان منهم على نحو ما قرره الدين الحق، ويفهم بالنسبة إلى المؤمنين المشار إليهم بقوله تعالى: {الذين آمنوا} على أنه مراعى فيه معنى الثبات والاستدامة، وبذلك ينتظم عطف: {وعمل صالحا} على قوله: {آمن}، مع مشاركتهم لتلك الفرق فيما يترتب عليهما من الفوز بالأجر، وعدم الخوف والحزن في الآخرة.

{فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون}:

الأجر: الجزاء على العمل، وسمى الله ما يعطيه للمؤمن العامل أجرا على وجه التفضل منه، وقال: {عند ربهم}؛ ليدل على عظم الجزاء من وجهين: أحدهما: أن ما يكون عند الله من الجزاء على العمل لا يكون إلا عظيما، وثانيهما: أن المجازي لهم ربهم الذي عرفوه بصفة الحنان والكرم، والحنان الكريم لا يعطي إلا ما يقر العين، ويفوق الوصف. والخوف: الفزع. والمعنى: لا يفزعون من هول يوم القيامة كما يفزع الكافرون، ولا يفوتهم نعيم فيحزنون كما يحزن المقصرون.

صفحہ 123