موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين

محمد خضر حسین d. 1377 AH
117

موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين

موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين

اصناف

وكان هؤلاء القوم من بني إسرائيل؛ لاغراقهم في الكفر والفساد، يقتلون النبيين حيث يأمرونهم بمعروف، أو ينهونهم عن منكر. وقال: {بغير الحق}، وقتل الأنبياء لا يكون بحق البتة؛ لزيادة التشنيع بقبح عدوانهم، ويشبه هؤلاء الطغاة الأمراء الذين ينحطون في أهوائهم، وتأخذهم العزة بالإثم، حيث يسدي لهم العالم الأمين النصيحة في أمر يخرجون به عن # حدود الشريعة الغراء، فيضمرون له البغضاء، ويتأهبون لأن يلحقوا به الأذى ما استطاعوا.

{ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون}:

العصيان: الخروج عن طاعة الله. والاعتداء: مجاوزة حدوده تعالى. واسم الإشارة {ذلك} مشار به إلى الكفر، وقتل الأنبياء في الجملة السابقة. والباء للسببية. والمعنى: أن تمردهم في عصيان الله، وتجاوزهم حدوده المرة بعد الأخرى، زادهم عماية حتى استحبوا الكفر، ومردوا عليه، وامتدت أيديهم إلى قتل الأنبياء بقلوب كالحجارة أو أشد قسوة.

{إن الذين آمنوا}:

لما أورد في الآيات السابقة وعيد اليهود على الكفر وارتكاب أفظع المعاصي بضرب الذلة والمسكنة عليهم، وحلول غضب الله بهم، أردف في هذه الآية ذلك الوعيد بالوعد على الإيمان الصادق والعمل الصالح؛ أخذا بسنة القرآن في وصل الإرهاب بالترغيب، فقال تعالى: {إن الذين آمنوا} ... إلخ الآية. فذكر أربعة فرق من الناس، وأشار إلى الفريق الأول بقوله: {الذين آمنوا}، وهم المؤمنون بالنبي محمد - صلى الله عليه وسلم -. وابتدأ بالمؤمنين المسلمين في ذكر من لا يفلحون إلا بالإيمان والعمل الصالح؛ إشعارا بأن الإسلام قائم على أن الفوز عند الله لا ينال إلا بالإيمان والعمل الصالح، ولا فضل لأمة على أمة إلا بهذه الوسيلة.

{والذين هادوا}:

{هادوا}: دخلوا اليهودية، وهي الديانة التي جاء بها موسى - عليه السلام -، نسبت إلى يهود معرب يهوذا - بالذال -، وهو أكبر أبناء يعقوب، # كما يروى، وإن لم يكن جميعهم من أبنائه، وأشار إلى الفريق الثالث بقوله:

صفحہ 121