والذين قالوا ان الانسان شىء واحد أراهم انما قالوا ذلك لهذا المعنى لما رأوا الذين يشربون الأدوية ويموتون بسبب افراط الاسهال عليهم وبعضهم يتقيأ مرارا وبعضهم بلغما توهم كل واحد منهم أن الانسان هو ذلك الشىء الذى وجده يموت اذا استفرغ من بدنه ومن قال أيضا ان الانسان دم انما قال ذلك لهذا المعنى لما رأى من ينحر ويجرى منه الدم يموت توهم أن الدم هو نفس الانسان وجميعهم يستشهد على صحة قوله بالأشياء التى قلت هذا على أنا لا نجد أحدا ممن أفرط عليه الاستفراغ بالقئ والاسهال ومات انما خرج منه المرار وحده لكن من شرب دواء يخرج المرار كان ما يسهله أو يقيئه أولا المرار ثم من بعده البلغم ثم يتقيأ بعد البلغم اذا اضطر الى ذلك المرار الأسود ثم انه بآخرة يتقيأ الدم النقى وكذلك يصيبه من الأدوية التى تستفرغ البلغم فان أول ما يتقيأه من شربها البلغم ثم من بعده المرة الصفراء ثم من بعدها السوداء ثم بآخرة الدم النقى وعند ذلك يموت وذلك أن الدواء اذا ورد البدن أسهل أولا الأشياء الملائمة لطبيعته مما فى البدن ثم يسهل بعد ذلك ويجتذب سائر الأخلاط وكما أن ما يغرس ويزرع اذا صار فى الأرض اجتذب كل واحد منه ما هو له طبيعى مما يجده فى الأرض وقد يوجد فى الأرض شىء حامض وشىء حلو وشىء مر وشىء مالح وغير ذلك من كل نوع كذلك الحال فى بدن الحيوان وأول ما يجتذب اليه وأكثره الشىء الذى هو أولى الأشياء بأن يكون له طبيعيا ثم انه يجتذب له سائر الأشياء وكذلك تفعل الأدوية فى البدن فان الذى يسهل منها المرار يخرج أولا المرة الصفراء الصرفة التى لا يخالطه شىء ثم يخرج بعد ذلك المرار الذى قد خالطه غيره والأدوية التى تسهل البلغم تسهل أولا البلغم الصرف ثم من بعده الذى قد خالطه غيرة والذين ينحرون أيضا يسيل منهم أولا دم فى غاية الحرارة وغاية الحمرة ثم يجرى منهم بعد ذلك دم بلغمى فاذا كان بآخرة جرى منه الدم الذى الغالب عليه المرار
[chapter 7]
صفحہ 10