فأخذ البارون القلم، وقال له وهو ينظر إليه نظرات لا توصف من ذعره: ماذا تريد أن أكتب أيضا؟
فأشار إليه الخيال إشارة بمنتهى الفصاحة فهمها البارون وقال له: أتريد أن أرد لها مالها أيضا؟ فأحنى رأسه إشارة إلى الإيجاب، وأخذ البارون القلم فكتب ما يأتي: «أوافق على خروج الكونتيس دي نيفيل من المستشفى؛ لأنها ليست مجنونة ، وأتعهد بإرجاع كل أموالها إليها.»
ثم وقع على ما كتب، فأخذ الخيال الورقة، وخرج بعد أن أشار إشارة وداع إلى البارون، وعند ذلك أطفئت الشمعة، وعادت الأنوار الزرقاء إلى التألق واختفى الخيال، فضاق تنفس البارون من شدة تأثره، وسقط على الأرض مغشيا عليه.
وعندما أفاق من إغمائه كانت الشمس قد بزغت، ففتح عينيه وتنفس الصعداء، وقام إلى الغرفة التي كان فيها ميشيل فوجده ينظف ملابسه كأنه لا علم له بشيء مما حدث، فقال له البارون: ألم تسمع شيئا يا ميشيل؟ قال: ماذا تريد أن أسمع؟
قال: الخيال.
أجاب: أعاد أيضا؟! - نعم، نعم، ولكنه خرج من إطار الصورة هذه المرة. - ماذا تقول يا سيدي، لعلك فقدت صوابك؟ - قلت لك إني رأيته بعيني وهو من لحم ودم. - لم ينقصك إلا أن تقول لي بأنه كلمك. - نعم لقد كلمني بالإشارة. - أحق ما تقول؟
أجاب: بل إنه استكتبني أيضا، ثم قص عليه كل ما جرى. فكان ميشيل يسمعه ويهز رأسه حتى انتهى من قصته، فقال له: من حسن طالع البشر أن الأموات لا علاقة لهم بالأحياء.
قال: ماذا تعني؟
أجاب: أعني أن هذا الميت المنشور سيعود إلى ضريحه، ومعه تلك الورقة التي كتبتها فتدفن معه، وعند ذلك طرق الباب الخارجي، وأطل ميشيل من النافذة، فقال له البارون: من هذا؟
قال: لا أعرفه فهو رجل في مقتبل الشباب دخل في الحديقة وهو يصعد السلم الآن، وعليه الملابس السوداء شأن المحامين.
نامعلوم صفحہ