ابو الشہداء حسین بن علی
أبو الشهداء الحسين بن علي
اصناف
والجزاء الحق هو الوجهة الواحدة التي تلتقي فيها كل هذه المقاصد الرفيعة، فإذا بطل الجزاء الحق ففي بطلانه الإخلال كل الإخلال بمعنى التاريخ والأخلاق، ولباب الشرائع والأديان. وفيه حكم على الحياة بالعبث وعلى العقل الإنساني بالتشويه والخسار.
والجزاء الحق غرض مقصود لذاته يحرص عليه العقل الإنساني كرامة لنفسه ويقينا من صحته وحسن أدائه، كالنظر الصحيح نحسبه هو غرضا للبصر يرتاح إلى تحقيقه ويحزن لفواته وإن لم يكن وراء ذلك ثواب أو عقاب؛ لأن النظر الصحيح سلامة محبوبة والإخلال به داء كريه.
ولا يستهدف هذا القسطاس المستقيم لمحنة من محنه التي تزري بكرامة العقل الإنساني، كاستهدافه لها وهو في مصطدم التضحية والمنافع، أو في الصراع بين الشهداء وأصحاب الطمع والحيلة.
ففي هذا المصطدم يبدو للنظرة الأولى أن الرجل قد أضاع كل شيء وانهزم، وهو في الحقيقة غانم ظافر.
ويبدو لنا أنه قد ربح كل شيء وانتصر، وهو في الحقيقة خاسر مهزوم.
ومن هنا يدخل التاريخ ألزم مداخله وأبينها عن قيمة البحث فيه؛ لأنه المدخل الذي يفضي إلى الجزاء الحق والنتيجة الحقة، وينتهي بكل عامل أفلح أو أخفق في ظاهر الأمر إلى نهاية مطافه وغاية مسعاه في الأمد الطويل.
وقد ظفر التاريخ في الصراع بين الحسين بن علي ويزيد بن معاوية بميزان من أصدق الموازين التي تتاح لتمحيص الجزاء الحق في أعمال الشهداء وأصحاب الطمع والحيلة، فقلما تتاح في أخبار الأمم شرقا وغربا عبرة كهذه العبرة بوضوح معالمها وأشواطها، وفي تقابل النصر والهزيمة فيها بين الطوالع والخواتم على اختلاف معارض النصر والهزيمة.
فيزيد في يوم كربلاء هو صاحب المؤزر الذي لا يشوبه خذلان.
وحسين في ذلك اليوم هو المخذول الذي لم يطمح خاذله من وراء الظفر به إلى مزيد.
ثم تنقلب الآية أيما انقلاب.
نامعلوم صفحہ