وشرب السيد علي يوسف فنجانا ثم آخر من القهوة، ومل الانتظار فقال: يا شيرين بيه مش قادر تزحلق لنا المستشار ده.
أجاب شيرين بك على الفور: ده انتم ألف محرر بقى لكم تلاتين سنة قاعدين تهاتوا وتنادوا مش قادرين تخرجوا عسكري إنكليزي واحد، أقوم أنا أخرج المستشار، قوم يا عم قشش على ميتك تسخن، الوقت راح والبياعين عايزين يسرحوا بالجورنال.
وحدث في أيام الجنايات السياسية أن وجد جندي إنكليزي قتيلا في شارع المبدولي على مقربة من دار شيرين بك، فوجهت التهمة إليه، وقبض عليه، وفتش بيته. وكان ما بدا للضباط الإنكليز المحققين من أدب شيرين بك ودماثة أخلاقه أقوى الأسباب على إبعاد الجريمة عنه، فأطلق سراحه مع الاعتذار له.
لم ينل إسماعيل شيرين حقه في وظائف الحكومة.
وكانت أخلاقه الطيبة هي الجانية عليه، فإنه لم يكن من طبائعه الملق أو التزلف أو التلون السياسي أو النفاق، وغيرها من صفات أصبحت في هذه الأيام من أقوى الوسائل للوصول إلى أكثر المناصب العالية في الدولة.
فأقران إسماعيل شيرين أصبحوا وزراء ووكلاء وزارات ومديرين ومحافظين.
أما إسماعيل شيرين فأبعد عن خدمة الحكومة، ولزم بيته، ثم أعيد إلى الخدمة وكيلا لمحافظة مصر، ثم مديرا لإدارة المطبوعات.
وكان وجوده في إدارة المطبوعات نعمة وبركة لكتاب الجرائد عامة والضعفاء منهم خاصة، يلاطفهم ويعطف عليهم ويبعد الشر عنهم جهرة وخفية.
وكان في سرائه وضرائه موئل أهل الحاجة والمتعطلين من العمل، فيفك ضيقتهم بماله، ويسعى بنفسه لتفريج أزماتهم وفتح أبواب العمل لهم.
وينفق في وجوه البر مستترا عن سعة غير طالب أجرا ولا شكورا، وغير مبال بمال يذهب في سبيل الله.
نامعلوم صفحہ