وقد جمع المؤلف وأبو رية بين سوء الأدب على رسول الله ﷺ وسوء الأدب على عائشة ﵂، فأما سوء أدبهما على النبي ﷺ فيتجلى ذلك في رد الحديث الثابت عنه ﷺ وقلة المبالاة به، وأما سوء أدبهما على عائشة ﵂ فيتجلى ذلك في إنكار ما خصها الله به من التفضيل على النساء.
وأما قوله ثم عاد بعد ذلك واعترف بأنها أعلم منه في حديث «من أصبح جنبا لا صيام له» عندما واجهته بأن النبي - ص - كان يصبح جنبا وهو صائم فتراجع وقال إنه سمعه من الفضل وكان الفضل بن عباس قد مات، وقصة ذلك في صفحة ٢٨ من تأويل الحديث.
فجوابه من وجوه أحدها أن يقال هذا من أقوال النظام التي طعن بها على أبي هريرة ﵁ ذكر ذلك ابن قتيبة في كتابه «تأويل مختلف الحديث» وقد نقل أبو رية كلام النظام من كتاب ابن قتيبة ولم يذكر أنه من كلام النظام فأوهم من لا علم لهم أنه من كلام ابن قتيبة وقد نقله المؤلف من كتاب أبي رية واختصره وغير فيه بعض الكلمات ولم يذكر أنه من أقوال النظام. وفي هذا أوضح دليل على أنه لا أمانة لأبي رية ولا للمؤلف، وقد ذكر ابن قتيبة قبل هذا الكلام أقوالًا للنظام يطعن بها على أبي بكر وعمر وعلي وابن مسعود وحذيفة وأبي هريرة ﵃، وقد رد عليه ابن قتيبة فقال، هذا قوله في جلة أصحاب رسول الله ﷺ ورضي عنهم كأنه لم يسمع بقول الله ﷿ في كتابه الكريم (محمد رسول الله والذين معه) إلى آخر السورة.
قلت وفي آخر الآية وهو قوله تعالى (ليغيظ بهم الكفار) أوضح دليل على كفر من يغتاظ من أصحاب رسول الله ﷺ، وقد تقدم عن الإِمام مالك أنه قال من أصبح وفي قلبه غيظ على أصحاب رسول الله ﷺ فقد أصابته هذه الآية، ومن تأمل أقوال النظام في الطعن على أبي بكر وعمر وعلي وابن مسعود وحذيفة وأبي هريرة ﵃ لم يشك أنها فيض مما في قلبه من الغيظ على أصحاب رسول الله ﷺ فالله يجازيه على ذلك بعدله.
ثم قال ابن قتيبة ولم يسمع بقوله تعالى (لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم) ولو كان ما ذكرهم به