أخبرته سميرة أن والدهم كان يضربهم إذا لم يجد قيمة الشراب، وكانت تضطر هي أن تشتري له الفودكا أو البيرة. استغرب الحارس وهو يرى زربة يحدث نفسه ويضحك والدمع في عينيه. قال له: أيش
24
قدك شتجنن يا زربة. لو كنت وقت الحرب هنا كنت شتجنن من صدق.
ثم وصف الحارس مشاهد الرعب والجوع والعطش، والنهب الذي تعرضت له المؤسسات الحكومية وبعض مخازن التجار، والكره تجاه الشماليين. شعر زربة بالجوع، لم يكن هناك مطعم أو دكان مفتوح، فقدم له الحارس بعض البسكويت من الأشياء التي نهبها من دكان عبد الرحمن العديني مع كمية من علب الماء. شاهد أبناء الحي يكسرون أبواب الدكاكين طلبا للماء والمواد الغذائية فشاركهم النهب. بقي زربة يفكر في القات فالكوابيس ليلا لن تدعه ينام جيدا إذا ترك القات. سأل زربة: ما فيش مقوت
25
يبيع قات قريب، يا عبد الفتاح؟ أجابه الحارس مندهشا: أمانة إنك مجنون قات. هذي الأيام يا الله تسلم روحك من الشمالي أو الجنوبي.
شاهد زربة سيارة طقم عسكري شمالي تقف في الشارع بالقرب من الورشة، عليها بعض الجنود وهم يمضغون القات. خرج زربة إليهم حاف وسألهم من أين اشتروا القات، حين عرفوا أنه شمالي ابتسم قائد الطقم وقال: لا يوجد بائع قات هنا هذه الأيام، ثم أعطاه حزمة قات «حرامي». ابتسم زربة وشكره على كرمه بهذا النوع الممتاز، وعرف أن القات الحرامي يوزع على جميع الجنود الشماليين، فهذا النوع من القات يجعلهم يقظين، ويشعرهم بالتعالي. رجع زربة إلى الورشة سعيدا. ضحك الحارس وقال: أمانة إنك تيس ابن تيس، قدرت تخرج منهم قات.
مضغ زربة القات وهو يشعر بالجوع وأعطى قليلا منه للحارس الذي احتفظ بحصته لمضغه بعد الغداء ثم ذهب يطبخ أرزا لا غير. قدم الحارس الغداء فأخرج زربة نثارة القات من فمه، وربطها في قرطاس بلاستيكي ليعيد مضغها مرة أخرى بعد الغداء. لم يستطع زربة البقاء أكثر من ثلاثة أيام في الشيخ عثمان وهو يتسول القات من الجند؛ فقرر العودة.
11
عند عودته على سيارة خاصة تويوتا مع خمسة من رجال القوافل المساعدة الشعبية كانوا يتحدثون بغضب عن العسكر، يتهمونهم باللصوص فقد أخذوا منهم المعونة التي أحضروها معهم، ولم يسمحوا لهم بالدخول إلى عدن لإيصالها إلى المتضررين بأنفسهم كالقوافل التي دخلت قبلهم. كانوا يشتمون ويلعنون ... وصل زربة إلى مدينة الراهدة وذهب إلى سوق القات، فقابل خالد ثابت العامري أحد معارفه. اشترى الحلاوة من دكان علي سعيد، ثم ذهبا يمضغان القات سويا بجوار شاحنة درهم. حدق زربة في عجلات الشاحنة فرأى دما ملتصقا بها. سأل درهم: من أين هذا الدم؟ - هذا دم بشر. - أيش
Bilinmeyen sayfa