فازدادت ريبته، وامتلأ صدره حنقا، وتساءل: إلام يحتمل هذه المرأة؟ كانت عواطفه نحوها مضطربة متناقضة؛ كان يكرهها حينا ويحبها حينا آخر، ولكن كانت الكراهية تغلب عليه إذا جره الإثم إلى هاويته، ويزيد الأمر وبالا إذا توثبت المرأة للانقضاض عليه. وكان يتمنى في قرارة نفسه لو كانت امرأته «عاقلة» فتركته وشأنه. ومن عجب أنه كان يرى نفسه على حق دائما، ويعجب لاعتراضها سبيله بلا مبرر! أليس من حقه أن يفعل ما يشاء؟ وأليس من واجبها أن تطيع، وأن ترضى ما دامت حاجاتها مقضية ورزقها موفورا؟! وقد أمست من ضرورات حياته، كالنوم والحشيش والبيت بخيرها وبشرها، فلم يفكر جادا في التخلص منها، ولو أراد ما منعه مانع، ولكنها كانت تملأ فراغا، وتقوم على العناية بأمره، ويريدها - على أية حال - زوجا له! ولكنه تساءل على رغم هذا كله - في حنقه: إلام يحتمل هذه المرأة؟ وصاح بها: لا تكوني حمقاء وتكلمي، أو دعيني أذهب لحال سبيلي.
سألته باستياء وحنق: ألا تجد قولا أفضل من هذا تخاطبني به؟
فزمجر المعلم قائلا: الآن علمت أنه ليس لديك ما تقولينه: والأفضل أن تنامي شأن النساء العاقلات. - ليتك تنام أيضا شأن الرجال العقلاء!
فضرب المعلم كفا بكف وصاح: كيف لي بالنوم في هذه الساعة؟ - فلماذا خلق الله الليل؟
فقال الرجل بدهشة وغيظ: ومتى كنت أنام الليل؟ هل أنا مريض يا مرة؟!
فقالت بلهجة ذات معنى خاص علمت أنه سيدركه من فوره: تب إلى الله يا معلم، وادع الله يقبل التوبة ولو جاءت متأخرة!
وأدرك ما تريد، وقطع الشك باليقين، ولكنه قال متجاهلا وهو يتميز غيظا: ما في السهر من ذنب يتوب الإنسان عنه.
فزادها تجاهله لها حنقا وقالت: تب عن الليل وعما في الليل.
فقال المعلم بخبث: أتريدينني أن أهجر حياتي؟!
فصاحت به وقد غلبها الغضب: حياتك!
Bilinmeyen sayfa