بل يظهر أن المعتصم نفسه - وهو جالب الأتراك - قارن بين خدمة الفرس للخلفاء قبله وخدمة الترك له، فحمد الأولى وذم الثانية؛ فقد روى الطبري أن المعتصم، دعا أبا الحسين إسحاق بن إبراهيم،
6
وبعد حديث طويل، قال المعتصم: يا إسحاق! في قلبي شيء أنا مفكر فيه منذ مدة طويلة. فقال إسحاق: قل يا سيدي فأنا عبدك وابن عبدك. قال المعتصم: نظرت إلى أخي المأمون وقد اصطنع أربعة أنجبوا، واصطنعت أنا أربعة لم يفلح أحد منهم! قال إسحاق: ومن الذي اصطنعهم أخوك؟ قال: طاهر بن الحسين؛ فقد رأيت وسمعت، وعبد الله بن طاهر؛ فهو الرجل الذي لم ير مثله، وأنت؛ فأنت والله الذي لا يعتاض السلطان منك أبدا، وأخوك محمد بن إبراهيم؛ وأين مثل محمد؟! وأنا فاصطنعت الأفشين؛ فقد رأيت إلى ما صار أمره، وأشناس؛ ففشل أيه! وإيتاخ؛ فلا شيء، ووصيف؛ فلا مغنى فيه! فقال إسحاق: أجيب يا أمير المؤمنين على أمان من غضب؟ قال: قل. قال إسحاق: يا أمير المؤمنين، نظر أخوك إلى الأصول فاستعملها فأنجبت فروعها، واستعمل أمير المؤمنين فروعا لم تنجب، إذ لا أصول لها! قال: يا إسحاق لمقاساة ما مر بي في طول هذه المدة أسهل علي من هذا الجواب.
7
وكره أهل بغداد مجيئهم إذ كانوا شؤما عليهم في حلهم وترحالهم، فلما أقاموا بينهم كانت خيولهم تصيب الضعفاء والمرضى، ولما رحلوا عنهم إلى القاطول
8
ثم سامرا أثر ذلك أثرا سيئا في بغداد من حيث تجارتها وحضارتها، فقال بعضهم في ذلك يعير المعتصم:
أيا ساكن القاطول بين الجرامقة
تركت ببغداد الكباش البطارقة
وأخذ المحدثون يضعون الأحاديث في ذم الترك تعبيرا عن شعورهم وشعور الناس، فرووا أن النبي
Bilinmeyen sayfa