٤٩ - حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ قَالَ: قَالَ أَبُو هَاشِمٍ الزَّاهِدُ: خَلَقَ اللَّهُ ﷿ الدَّاءَ وَالدَّوَاءَ، فَالدَّاءُ الدُّنْيَا، وَالدَّوَاءُ تَرْكُهَا "
٥٠ - حَدَّثَنِي أَبُو جَعْفَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ الْأَدَمِيُّ، قَالَ: ثنا مَعْنُ بْنُ عِيسَى، قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الدُّنْيَا دَارُ ظَعْنٍ وَلَيْسَتْ بِدَارِ إِقَامَةٌ، وَإِنَّمَا أُنْزِلَ آدَمُ ﵇ إِلَيْهَا عُقُوبَةً، فَاحْذَرْهَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؛ فَإِنَّ الزَّادَ مِنْهَا تَرْكُهَا، وَالْغِنَى مِنْهَا فَقْرُهَا؛ لَهَا فِي كُلِّ حِينٍ قَتِيلٌ، تُذِلُّ مَنْ أَعَزَّهَا، وَتُفْقِرُ مَنْ جَمَعَهَا، هِيَ كَالسُّمِّ يَأْكُلُهُ مَنْ لَا يَعْرِفُهُ وَهُوَ حَتْفُهُ، فَكُنْ فِيهَا كَالْمُدَاوِي جِرَاحَتَهُ، يَحْتَمِي قَلِيلًا مَخَافَةَ مَا يَكْرَهُ طَوِيلًا، وَيَصْبِرُ عَلَى شِدَّةِ الْأَدْوَاءِ مَخَافَةَ طُولِ الْبَلَاءِ فَاحْذَرْ هَذِهِ الدَّارَ الْغَرَّارَةَ، الْخَتَّالَةَ، الْخَدَّاعَةَ، الَّتِي قَدْ زُيِّنَتْ بِخُدَعِهَا، وَفُتِنَتْ بِغُرُورِهَا، وَحَلَتْ بِأَمَانِيهَا، وَتَشَوَّفَتْ لِخُطَّابِهَا فَأَصْبَحَتْ كَالْعَرُوسِ الْمَجْلُوَّةِ، فَالْعُيُونُ إِلَيْهَا نَاظِرَةٌ، وَالْقُلُوبُ عَلَيْهَا ⦗٤١⦘ وَالِهَةٌ، وَالنُّفُوسُ لَهَا عَاشِقَةٌ، وَهِيَ لِأَزْوَاجِهَا كُلِّهُمْ قَاتِلَةٌ، فَلَا الْبَاقِي بِالْمَاضِي مُعْتَبِرٌ، وَلَا الْآخِرُ عَلَى الْأَوَّلِ مُزْدَجِرٌ، وَلَا الْعَارِفُ بِاللَّهِ ﷿ حِينَ أَخْبَرَهُ عَنْهَا مُدَّكِرٌ، فَعَاشِقٌ لَهَا قَدْ ظَفِرَ مِنْهَا بِحَاجَتِهِ فَاغْتَرَّ وَطَغَى وَنَسِيَ الْمَعَادَ، فَشَغَلَ فِيهَا لُبَّهُ حَتَّى زَالَتْ عَنْهَا قَدَمُهُ، فَعَظُمَتْ نَدَامَتُهُ، وَكَثُرَتْ حَسْرَتُهُ، وَاجْتَمَعَتْ عَلَيْهِ سَكَرَاتُ الْمَوْتِ بِأَلَمِهِ، وَحَسَرَاتُ الْفَوْتِ بِغُصَّتِهِ، فَذَهَبَ بِكَمَدِهِ، وَلَمْ يُدْرِكْ مِنْهَا مَا طَلَبَ، وَلَمْ يُرَوِّحْ نَفْسَهُ مِنَ التَّعَبِ، فَخَرَجَ بِغَيْرِ زَادٍ، وَقَدِمَ عَلَى غَيْرِ مِهَادٍ، فَاحْذَرْهَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَكُنْ أَسَرَّ مَا تَكُونُ فِيهَا أَحْذَرَ مَا تَكُونُ لَهَا فَإِنَّ صَاحِبَ الدُّنْيَا كُلَّمَا اطْمَأَنَّ مِنْهَا إِلَى سُرُورٍ أَشْخَصَهُ إِلَى مَكْرُوهٍ، السَّارُّ فِيهَا لِأَهْلِهَا غَارٌ، وَالنَّافِعُ فِيهَا غَدًا ضَارٌّ، وَقَدْ وَصَلَ الرَّخَاءُ مِنْهَا بِالْبَلَاءِ وَجَعَلَ الْبَقَاءَ فِيهَا إِلَى فَنَاءٍ، فَسُرُورُهَا مُشَوَّبٌ بِالْحُزْنِ، لَا يَرْجِعُ مِنْهَا مَا وَلَّى فَأَدْبَرَ، وَلَا يُدْرَى مَا هُوَ آتٍ فَيُنْتَظَرُ، أَمَانِيهَا كَاذِبَةٌ، وَآمَالُهَا بَاطِلَةٌ، وَصَفْوُهَا كَدَرٌ، وَعَيْشُهَا نَكِدٌ، وَابْنُ آدَمَ فِيهَا عَلَى خَطَرٍ، وَإِنْ غَفَلَ فَهُوَ مِنَ النَّعْمَاءِ عَلَى خَطَرٍ، وَمِنَ الْبَلَاءِ عَلَى حَذَرٍفَلَوْ كَانَ الْخَالِقُ لَمْ يُخْبِرْ عَنْهَا خَبَرًا، وَلَمْ يَضْرِبْ لَهَا مَثَلًا، لَكَانَتِ الدُّنْيَا قَدْ أَيْقَظَتِ النَّائِمَ، وَنَبَّهَتِ الْغَافِلَ، فَكَيْفَ وَقَدْ جَاءَ مِنَ اللَّهِ ﷿ عَنْهَا زَاجِرٌ، وَفِيهَا وَاعِظٌ، فَمَا لَهَا عِنْدَ اللَّهِ قَدْرٌ وَلَا وِزْرٌ، وَمَا نَظَرَ إِلَيْهَا مُنْذُ خَلَقَهَا وَلَقَدْ عُرِضَتْ عَلَى نَبِيِّكَ ﷺ بِمَفَاتِيحِهَا وَخَزَائِنِهَا، لَا يَنْقُصُهُ ⦗٤٢⦘ ذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ ﷿ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ، فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَهَا إِذْ كَرِهَ أَنْ يُخَالِفَ عَلَى اللَّهِ أَمْرَهُ، أَوْ يُحِبَّ مَا أَبْغَضَ خَالِقُهُ، أَوْ يَرْفَعَ مَا وَضَعَ مَلِيكُهُ، فَزَوَاهَا عَنِ الصَّالِحِينَ اخْتِيَارًا، وَبَسَطَهَا لِأَعْدَائِهِ اغْتِرَارًا، فَيَظُنُّ الْمَغْرُورُ بِهَا الْمُقْتَدِرُ عَلَيْهَا أَنَّهُ أُكْرِمَ بِهَا، وَنَسِيَ مَا صَنَعَ اللَّهُ تَعَالَى بِمُحَمَّدٍ ﷺ حِينَ شَدَّ الْحَجَرَ عَلَى بَطْنِهِ، وَلَقَدْ جَاءَتِ الرِّوَايَةُ عَنْهُ عَنْ رَبِّهِ ﵎ أَنَّهُ قَالَ لِمُوسَى ﵇: إِذَا رَأَيْتَ الْغِنَى مُقْبِلًا فَقُلْ: ذَنْبٌ عُجِّلَتْ عُقُوبَتُهُ، وَإِذَا رَأَيْتَ الْفَقْرَ مُقْبِلًا فَقُلْ: مَرْحَبًا بِشِعَارِ الصَّالِحِينَ، وَإِنْ شِئْتَ اقْتَدَيْتَ بِصَاحِبِ الرُّوحِ وَالْكَلِمَةِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ﵇ فَإِنَّهُ كَانَ يَقُولُ: إِدَامِي الْجُوعُ، وَشِعَارِي الْخَوْفُ وَلِبَاسِي الصُّوفُ، وَصِلَائِي فِي الشِّتَاءِ مَشَارِقُ الشَّمْسِ، وَسِرَاجِي الْقَمَرُ وَدَابَّتِي رِجْلَايَ، وَطَعَامِي وَفَاكِهَتِي مَا أَنْبَتَتِ الْأَرْضُ، أَبِيتُ وَلَيْسَ لِي شَيْءٌ، وَأُصْبِحُ وَلَيْسَ لِي شَيْءٌ، وَلَيْسَ عَلَى الْأَرْضِ أَحَدٌ أَغْنَى ⦗٤٣⦘ مِنِّي "
٥٠ - حَدَّثَنِي أَبُو جَعْفَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ الْأَدَمِيُّ، قَالَ: ثنا مَعْنُ بْنُ عِيسَى، قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الدُّنْيَا دَارُ ظَعْنٍ وَلَيْسَتْ بِدَارِ إِقَامَةٌ، وَإِنَّمَا أُنْزِلَ آدَمُ ﵇ إِلَيْهَا عُقُوبَةً، فَاحْذَرْهَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؛ فَإِنَّ الزَّادَ مِنْهَا تَرْكُهَا، وَالْغِنَى مِنْهَا فَقْرُهَا؛ لَهَا فِي كُلِّ حِينٍ قَتِيلٌ، تُذِلُّ مَنْ أَعَزَّهَا، وَتُفْقِرُ مَنْ جَمَعَهَا، هِيَ كَالسُّمِّ يَأْكُلُهُ مَنْ لَا يَعْرِفُهُ وَهُوَ حَتْفُهُ، فَكُنْ فِيهَا كَالْمُدَاوِي جِرَاحَتَهُ، يَحْتَمِي قَلِيلًا مَخَافَةَ مَا يَكْرَهُ طَوِيلًا، وَيَصْبِرُ عَلَى شِدَّةِ الْأَدْوَاءِ مَخَافَةَ طُولِ الْبَلَاءِ فَاحْذَرْ هَذِهِ الدَّارَ الْغَرَّارَةَ، الْخَتَّالَةَ، الْخَدَّاعَةَ، الَّتِي قَدْ زُيِّنَتْ بِخُدَعِهَا، وَفُتِنَتْ بِغُرُورِهَا، وَحَلَتْ بِأَمَانِيهَا، وَتَشَوَّفَتْ لِخُطَّابِهَا فَأَصْبَحَتْ كَالْعَرُوسِ الْمَجْلُوَّةِ، فَالْعُيُونُ إِلَيْهَا نَاظِرَةٌ، وَالْقُلُوبُ عَلَيْهَا ⦗٤١⦘ وَالِهَةٌ، وَالنُّفُوسُ لَهَا عَاشِقَةٌ، وَهِيَ لِأَزْوَاجِهَا كُلِّهُمْ قَاتِلَةٌ، فَلَا الْبَاقِي بِالْمَاضِي مُعْتَبِرٌ، وَلَا الْآخِرُ عَلَى الْأَوَّلِ مُزْدَجِرٌ، وَلَا الْعَارِفُ بِاللَّهِ ﷿ حِينَ أَخْبَرَهُ عَنْهَا مُدَّكِرٌ، فَعَاشِقٌ لَهَا قَدْ ظَفِرَ مِنْهَا بِحَاجَتِهِ فَاغْتَرَّ وَطَغَى وَنَسِيَ الْمَعَادَ، فَشَغَلَ فِيهَا لُبَّهُ حَتَّى زَالَتْ عَنْهَا قَدَمُهُ، فَعَظُمَتْ نَدَامَتُهُ، وَكَثُرَتْ حَسْرَتُهُ، وَاجْتَمَعَتْ عَلَيْهِ سَكَرَاتُ الْمَوْتِ بِأَلَمِهِ، وَحَسَرَاتُ الْفَوْتِ بِغُصَّتِهِ، فَذَهَبَ بِكَمَدِهِ، وَلَمْ يُدْرِكْ مِنْهَا مَا طَلَبَ، وَلَمْ يُرَوِّحْ نَفْسَهُ مِنَ التَّعَبِ، فَخَرَجَ بِغَيْرِ زَادٍ، وَقَدِمَ عَلَى غَيْرِ مِهَادٍ، فَاحْذَرْهَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَكُنْ أَسَرَّ مَا تَكُونُ فِيهَا أَحْذَرَ مَا تَكُونُ لَهَا فَإِنَّ صَاحِبَ الدُّنْيَا كُلَّمَا اطْمَأَنَّ مِنْهَا إِلَى سُرُورٍ أَشْخَصَهُ إِلَى مَكْرُوهٍ، السَّارُّ فِيهَا لِأَهْلِهَا غَارٌ، وَالنَّافِعُ فِيهَا غَدًا ضَارٌّ، وَقَدْ وَصَلَ الرَّخَاءُ مِنْهَا بِالْبَلَاءِ وَجَعَلَ الْبَقَاءَ فِيهَا إِلَى فَنَاءٍ، فَسُرُورُهَا مُشَوَّبٌ بِالْحُزْنِ، لَا يَرْجِعُ مِنْهَا مَا وَلَّى فَأَدْبَرَ، وَلَا يُدْرَى مَا هُوَ آتٍ فَيُنْتَظَرُ، أَمَانِيهَا كَاذِبَةٌ، وَآمَالُهَا بَاطِلَةٌ، وَصَفْوُهَا كَدَرٌ، وَعَيْشُهَا نَكِدٌ، وَابْنُ آدَمَ فِيهَا عَلَى خَطَرٍ، وَإِنْ غَفَلَ فَهُوَ مِنَ النَّعْمَاءِ عَلَى خَطَرٍ، وَمِنَ الْبَلَاءِ عَلَى حَذَرٍفَلَوْ كَانَ الْخَالِقُ لَمْ يُخْبِرْ عَنْهَا خَبَرًا، وَلَمْ يَضْرِبْ لَهَا مَثَلًا، لَكَانَتِ الدُّنْيَا قَدْ أَيْقَظَتِ النَّائِمَ، وَنَبَّهَتِ الْغَافِلَ، فَكَيْفَ وَقَدْ جَاءَ مِنَ اللَّهِ ﷿ عَنْهَا زَاجِرٌ، وَفِيهَا وَاعِظٌ، فَمَا لَهَا عِنْدَ اللَّهِ قَدْرٌ وَلَا وِزْرٌ، وَمَا نَظَرَ إِلَيْهَا مُنْذُ خَلَقَهَا وَلَقَدْ عُرِضَتْ عَلَى نَبِيِّكَ ﷺ بِمَفَاتِيحِهَا وَخَزَائِنِهَا، لَا يَنْقُصُهُ ⦗٤٢⦘ ذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ ﷿ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ، فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَهَا إِذْ كَرِهَ أَنْ يُخَالِفَ عَلَى اللَّهِ أَمْرَهُ، أَوْ يُحِبَّ مَا أَبْغَضَ خَالِقُهُ، أَوْ يَرْفَعَ مَا وَضَعَ مَلِيكُهُ، فَزَوَاهَا عَنِ الصَّالِحِينَ اخْتِيَارًا، وَبَسَطَهَا لِأَعْدَائِهِ اغْتِرَارًا، فَيَظُنُّ الْمَغْرُورُ بِهَا الْمُقْتَدِرُ عَلَيْهَا أَنَّهُ أُكْرِمَ بِهَا، وَنَسِيَ مَا صَنَعَ اللَّهُ تَعَالَى بِمُحَمَّدٍ ﷺ حِينَ شَدَّ الْحَجَرَ عَلَى بَطْنِهِ، وَلَقَدْ جَاءَتِ الرِّوَايَةُ عَنْهُ عَنْ رَبِّهِ ﵎ أَنَّهُ قَالَ لِمُوسَى ﵇: إِذَا رَأَيْتَ الْغِنَى مُقْبِلًا فَقُلْ: ذَنْبٌ عُجِّلَتْ عُقُوبَتُهُ، وَإِذَا رَأَيْتَ الْفَقْرَ مُقْبِلًا فَقُلْ: مَرْحَبًا بِشِعَارِ الصَّالِحِينَ، وَإِنْ شِئْتَ اقْتَدَيْتَ بِصَاحِبِ الرُّوحِ وَالْكَلِمَةِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ﵇ فَإِنَّهُ كَانَ يَقُولُ: إِدَامِي الْجُوعُ، وَشِعَارِي الْخَوْفُ وَلِبَاسِي الصُّوفُ، وَصِلَائِي فِي الشِّتَاءِ مَشَارِقُ الشَّمْسِ، وَسِرَاجِي الْقَمَرُ وَدَابَّتِي رِجْلَايَ، وَطَعَامِي وَفَاكِهَتِي مَا أَنْبَتَتِ الْأَرْضُ، أَبِيتُ وَلَيْسَ لِي شَيْءٌ، وَأُصْبِحُ وَلَيْسَ لِي شَيْءٌ، وَلَيْسَ عَلَى الْأَرْضِ أَحَدٌ أَغْنَى ⦗٤٣⦘ مِنِّي "
1 / 40