Liderler, Sanatçılar ve Yazarlar
زعماء وفنانون وأدباء
Türler
وقد عمل صالحا فأصدر عدة كتب قيمة أهمها: «تمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية»، و«فيلسوف العرب والمعلم الثاني»، و«سيرة الكندي والفارابي»، و«الدين والوحي والإسلام» و«البهاء زهير»، و«محمد عبده»، و«مذكرات مسافر»، و«مذكرات مقيم»، وله دراسات أدبية كثيرة لم تصدر في كتب بعد، وكان ينشر مذكراته في جريدة السياسة بتوقيع «الشيخ الفزاري».
هذه الحياة العريضة المليئة بالعلم والمعرفة كانت مليئة أيضا بالعواطف الجبارة، وكان وضعه الديني شكلا وموضوعا يقيد انفعالاته المتفجرة؛ فهو إذا ذهب إلى أوروبا يواجه الفتنة ويقاومها، يشاهد الرقص ويولع به، ويصفه بريشة رسام فنان.
وهو لا يقاوم فتنته بالنساء، ولكن يقاوم أيضا فتنة النساء به، قالت لي حرم أستاذي الدكتور محمود عزمي، وهي سيدة روسية مثقفة: إن الشيخ مصطفى كان يفتن عذارى باريس ويهرب بلباقة؛ ذكرت أن إحدى الفتيات ذهبت تبحث عنه في الفندق، فوجدت حرم الدكتور عزمي، فقالت لها وهي تبكي: ما كنت أظن أن هذا الإنسان المهذب، يحتل قلبي هكذا بوقاحة! وكان للشيخ مصطفى عبد الرازق علاقة عاطفية ناعمة بالكاتبة «مي»، ولعله العالم الأزهري الوحيد الذي نادى بحرية المرأة، ودعا إلى رفع الحجاب عن وجهها وعقلها، وكانت دعوته هذه في جريدة «السفور»، وقد فتنته باريس وكتب عنها يقول:
باريس موجود حي تنبعث الحياة من أرضه وسمائه ورجاله ونسائه، باريس عظيمة بكل ما تحمل هذه العبارة من معاني الحياة، والجلال، والجمال، والذوق، والفكر، والانسجام والخلود.
ليست باريس صنع شعب من الشعوب، ولا عمل عصر من العصور، ولكنها جماع ما استصفاه الدهر من نفائس المدنيات. باريس عاصمة الدنيا، ولو أن للآخرة عاصمة لكانت باريس، وهل غير باريس للحور والولدان، والجنات والنيران، والصراط والميزان، والفجار والصالحين، والملائكة والشياطين؟!
وينتقل إلى وصف المعالم التي زارها هناك، ومن بينها حديقة لكسمبرج التي تتوسطها بركة ماء يجلس حولها العشاق فيقول:
لمحت فتاة بيدها خطاب تقرؤه فيشرق وجهها بالسرور وتبتسم، وتلقاءها فتاة تكتب في صحيفة، وتتلو ما تكتبه فتنحدر عبراتها، وكم يأوي إلى تلك البركة من باك ومبتسم.
ليس ماء ذلك الذي يجري في بركة لكسمبورج، ولكنه ذوب ابتسامات ودموع.
رويدكم أيها الأطفال العابثون بذلك الماء!
ولم يكن الشيخ مصطفى بتكوينه الفكري والنفسي رجل سياسة، ولكن الظروف حتمت أن ينتمي إلى الحزب الذي كان أعضاؤه زملاء والده، ولقي فيه شقيقه الأكبر حسن باشا مصرعه؛ فقد اغتاله خصوم حزب الأحرار الدستوريين وهو يغادر جريدة «السياسة»، وأصبح مصطفى عبد الرازق حزبيا وسياسيا، ولكنه لم يمارس الحزبية ولا السياسة.
Bilinmeyen sayfa