454

الله ، لقوله تعالى : ( ورضوان من الله أكبر ) (1)، وأوسطها الجنة ونعيمها.

( الذين يقولون ربنا إننا آمنا ) أي : صدقنا بالله ورسوله ( فاغفر لنا ذنوبنا ) استرها علينا وتجاوزها عنا ( وقنا عذاب النار ). والموصول موضع جر ، لكونه صفة للمتقين ، أو للعباد ، أو موضع رفع ، أو نصب على المدح. وفي ترتيب السؤال على مجرد الإيمان دليل على أنه كاف في استحقاق المغفرة أو الاستعداد لها.

ثم بين صفاتهم الحسنة وسماتهم السيئة بقوله : ( الصابرين ) على فعل ما أمرهم الله به ، وترك ما نهاهم عنه ( والصادقين ) في إيمانهم وأقوالهم ( والقانتين ) المطيعين. وقيل : الدائمين على العبادة ( والمنفقين ) أموالهم في سبيل الله ( والمستغفرين بالأسحار ) أي : المصلين وقت السحر. وقيل : الذين تنتهي صلاتهم إلى وقت السحر ، ثم يستغفرونه ويدعون. وتوسيط الواو بين الصفات للدلالة على استقلال كل واحد منها وكمالهم فيها ، أو لتغاير الموصوفين بها.

وحصر هذه الصفات لمقامات السالك على أحسن ترتيب ، فإن معاملته مع الله تعالى إما توسل وإما طلب. والتوسل إما بالنفس ، وهو منعها عن الرذائل ، وحبسها على الفضائل ، والصبر يشملهما. وإما بالبدن ، وهو إما قول ، وهو الصدق ، وإما فعل ، وهو القنوت الذي هو ملازمة الطاعة. وإما بالمال ، وهو الإنفاق في سبيل الخير. وأما الطلب فبالاستغفار ، لأن المغفرة أعظم المطالب ، بل الجامع لها. وتخصيص الأسحار ، لأن الدعاء فيها للمتهجدين أقرب إلى الإجابة ، لأن العبادة حينئذ أشق ، والنفس أصفى ، والقلب أجمع ، سيما للمتهجدين.

Sayfa 459