358

فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره فإن طلقها فلا جناح عليهما أن يتراجعا إن ظنا أن يقيما حدود الله وتلك حدود الله يبينها لقوم يعلمون (230))

روي أن في الجاهلية لم يكن للطلاق حد ، فالرجل منهم إذا طلق امرأته ثم راجعها قبل أن تنقضي عدتها كان له ذلك وإن طلقها ألف مرة ، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وآلهوسلم ، فنزلت : ( الطلاق مرتان ) أي : التطليق ، كالسلام والكلام والوداع بمعنى التسليم والتكليم والتوديع ، أي : التطليق الشرعي تطليقة بعد تطليقة على التفريق ، كقوله تعالى : ( ثم ارجع البصر كرتين ) (1) أي : كرة بعد كرة ، ومثله : لبيك لا على الجمع والإرسال دفعة واحدة ، كما قاله الشافعي ، فمن طلق ثلاثا بلفظ واحد لم يأت بالمرتين ولا بالثالثة ، كما أنه لما أوجب في اللعان أربع شهادات ، فلو أتى بالأربع بلفظ واحد لما أتى بالمشروع ولم يحصل حكم اللعان ، وكذلك من رمى الجمار بسبع حصيات دفعة واحدة لم يجز عنه بلا خلاف ، فكذلك الطلاق.

واحتج أصحابنا بعد أخبارهم التي رووها عن أهل البيت عليهم السلام بما روي في حديث ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وآلهوسلم قال : «إنما السنة أن تستقبل الطهر استقبالا فتطلقها لكل قرء تطليقة» (2). فحكموا بتحريم الثلاث المرسلة أو الثنتين المرسلتين ، وأن ذلك بدعة.

( فإمساك بمعروف ) أي : فالواجب إذا راجعها بعد التطليقتين إمساك

Sayfa 363