...فإن قبره عليه الصلاة والسلام لما كان سيد القبور وأفضل قبر على وجه الأرض ، وقد نهى عليه الصلاة والسلام عن اتخاذه عيدا ، فقبر غيره أولى بالنهي كائنا من كان ، ثم إنه عليه الصلاة والسلام قرن ذلك النهي بقوله : " ولا تتخذوا بيوتكم قبورا " وهو أمر بتحري النافلة في البيوت حتى لا تكون بمنزلة القبور ، ونهى عن تحري العبادة عند القبور ثم عقبه بقوله " وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيثما كنتم " وأشار بذلك إلى أن ما ناله منكم من الصلاة والسلام يحصل مع قربكم من قبره وبعدكم عنه ، فلا حاجة بكم إلى الاتخاذ عيدا كما اتخذا المشركون من أهل الكتاب قبور أنبيائهم وصالحيهم عيدا فإن اتخاذ القبور عيدا هو من أعيادهم التي كانوا عليها قبل مجيء الإسلام وقد كان لهم أعياد زمانية وأعياد مكانية فلما جاء الإسلام أبدلها الله تعالى وعوض عن أعيادهم الزمانية عيد الفطر وعيد النحر وأيام منى ، كما عوض عن أعيادهم المكانية الكعبة البيت الحرام وعرفات ومنى والمشاعر .
...قال ابن القيم [ في إغاثة اللهفان ] : قد حرف هذه الأحاديث بعض من أخذ شبها من النصارى بالشرك وشبها من اليهود بالتحريف ( فقال : هذا أمر بملازمة قبره عليه الصلاة والسلام والعكوف عنده واعتياد قصده وإتيانه ونهى أن يجعل كالعيد الذي إنما يكون في العام مرة أو مرتين ، فكأنه قال : لا تجعلوا قبري بمنزلة العيد الذي يكون من الحول إلى الحول واقصدوه كل ساعة وكل وقت أه ) .
Sayfa 11