============================================================
تماما . ومن المرجح أن اختفاءها لم يكن حدثا عارضا بمحض المصادفة ، بل كان وليد إحساس بالتناقض مع شخص مؤسس للحركة، وهو شعور يبعث على احساسين متناقضين بين كونه "بطلا" وكونه "خائنا" . ورافقت عملية التوصل إلى صيغة معيارية عملية مناظرة لها في إعادة تحرير النصوص القديمة. وهنا صارت يدا الرقابة تتناول النصوص، فتحذف منها كل ما يدل على وجود صيغة منحرفة عن الصيغة المعيارية، بما في ذلك النصوص التي تلمح إلى هذا الانشقاق حتى في أعمال دعاة النسخة المعيارية. وهكذا اختفت جميع أعمال النسفي وأبي تمام ال النيسابوري وأعمال السجستاني التي تنتمي إلى فترة انتمائه إلى حلقة النسفي، بل اختفت معها صفحاث مطولة من نصوص النسخة المعيارية التي تتحدث عن هذا الانشقاق، كما هو الحال مع النصوص المفقودة من "الإصلاح" للرازي و"الرياض" للكرماني وغيرهما.
وفي محرقة الخلاص من النصوص، التي لا نعرف متى وقعت ولا أين، وربما كانت من البطء بحيث لم يشعر أحد بوقوعها، لم ينج من جميع أعمال النسفي سوى رسالة صغيرة عنوانها "كون العالم" . وهي رسالة يشككك بعض الباحثين في نسبتها له. والأرجح أنها مقتطفات متفرقة ومشوهة من كتابه "المحصول".
من الناحية التنظيمية أيضا كان أثر النسفي كبيرا في نشر الإسماعيلية في خراسان. وهناك ما يدل على أن النسفي قد فرض على كل مستجيب جديد للدعوة فع مبلغ للحركة قيمته 119 درهما . ويبدو أن استقطاع هذا المبلغ كان موضوعا ال خلافيا بين دعاة الحركة. يقول البستي: "واختلفوا في أن الواجب، الذي هو مائة وتسعة عشر دراهم، على ما يؤخذ، فقال بعضهم: يؤخذ في آسرار ترجع إلى آمر محمد بن إسماعيل. وقال بعضهم: لا يؤخذ عليه، وإنما يؤخذ على أسرار أخرى"(1) . كما أن ابن النديم يشير، وهو يقتبس من مصدر معاد للإسماعيلية، إلى أن النسفي "استغوى نصر بن أحمد وأدخله في الذعوة، وأغرمه دية المروزي مائة (1) البستي: كشف أسرار الباطنية، الصفحة 17 .
Sayfa 45