============================================================
ولدي من يملأها عدلا كما ملئت جورا". فسموا هؤلاء أصحاب الأدوار، لأن كل واحد منهم كان يدور عليه الأمر، وكان قطبا للعالم، كما ذكرنا، وكان اتصال الأنام به من جهة الأسباب التي بها نجاتهم. فهم متصلون في كل دور بصاحب ذلك الدور اتصالا بالقوة حتى يتم الدور، كاتصالنا بمحمد صلى الله عليه وآله في دوره هذا الذي نحن فيه. فإذا تمت الأدوار الستة، كان الدور السابع دور الأدوار، واتصل الأنام بصاحب الدور السابع اتصالا حقيقيا بالفعل ، لا بالقوة.
فمن أجل ذلك سموه دور الأدوار"(1).
ويكرر أبو حاتم ثلاث مرات بعبارة واضحة لا لبس فيها أن صاحب الل الدور السابع "لا يؤلف شريعة، فتستر إذا بظاهر ألفاظه، بل هو صاحب الكشف، متفرد به"، "وكذلك السابع لا يؤلف شريعة، فيرجع عن الشريعة التي تقدمته، بل تقام الدعوة باسمه على شريعة واحدة"، "والسابع لا يؤلف شريعة، فيعمل بها، بل يعيد الأمر جديدا كما بدأ أول مرة"(2). فمفهوم أبي حاتم الرازي إذأ عن القائم هوا فهوم جميع المسلمين عن "المهدي" ، لكنه يختلف عنهم بتحديد هوية المهدي الذي يصر على أنه محمد بن إسماعيل. وهو لا يستحدث شريعة جديدة ينسخ بها ال الإسلام على الإطلاق، بل يحافظ على الإسلام تماما، لكنه أيضا كصاحب دور ينفرد بكونه "صاحب الكشف" في رأي أبي حاتم، أي أن زعامته الدينية لعصره هكذا تميز بالكشف عن باطن أحكام الدين الإسلامي وفق التصور الإسماعيلي. وه يظل أبو حاتم مسلما وإسماعيليا في الوقت نفسه.
اذا عدنا إلى موقف مدرسة النسفي، فإن التصوص الباقية، برغم ما تعرضت مثلا، من طمس، تدل على موقفي مناقض تماما . ففي كتاب "الرياض" للكرماني، جملة لم يبق من عرضه لموقف السجستاني من القائم في كتاب "النصرة" سوى واحدة: "وأما القائم عليه السلام وقوله: إنه يرفع الشرائع، فنقول: إن اعتقاد ذلك سقيم"(3) . لكن الكرماني لاحظ أن فكر السجستاني شهد مراحل من التطور (1) أبو حاتم الرازي : الإصلاح ص 62.
(2) أبو حاتم الرازي : الإصلاح ص 63.
(3) الكرماني : الرياض ص 201.
Sayfa 42