============================================================
لجميع الشواهد الدالة على الحدود التي اشتملت عليها الدعوة من أول الدهر آخره، تأكيدا للحجة من الله عز وجل على النفس التي هي حاملة لهذه الصورة، إذا جعله شاهدا على نفسه في كله وأجزائه، وأن هذه الصورة الجامعة لهذه الأبعاض ال الدالة على النطقاء وشرائعهم وحدودهم، لما كانت جامعة لجميع الشواهد، دلت بكمالها على أن سادس النطقاء هو الكمال والتمام، وبه تتم الشرائع، ويكمل العمل"(1). والمقصود بسادس النطقاء هو النبي محمد. ويؤكد أبو حاتم على أن صورة النبي محمد جامعة لصورة الإنسان الكلي الذي يختصر صورة جميع العوالم.
ر بما كان القارئ الحديث يضيق بهذا الهوس الغنوصي الحروفي. لكن سياق هذا التناول يكشف أنه إنما يجيء دفاعا عن الإسلام والنبي محمد، وأن المستهدف فيه هو تبديد تصور غنوصي وحروفي آخر قدمته حلقة النسفي عن مفهوم القائم" . وبالتالي فأبو حاتم الرازي يرسم هذا الشكل لكي يحافظ على إسلامه و إسماعيليته في وقت واحد، في حين يرى التصور الإسماعيلي الآخر أن الإسماعيلية هي مستقبل الإسلام، التي تحل بعدها نهاية التاريخ، لأن "القائم" عندهم، أو محمد بن إسماعيل، سوف يقوم بنسخ الشرائع السابقة، بما فيها الإسلام.
لقد قامت الإسماعيلية المتأخرة، بعد مرحلة الكرماني، بتثيبت "النسخة المعيارية" ، كما تولى صياغتها الكرماني نفسه. فجرى طمس جميع النصوص السابقة التي تكشف عن صور أخرى من الإسماعيلية، أو تعديلها بما يتناسب مع ال النسخة المعيارية . وهكذا تعرضت أعمال النسفي للاتلاف، ولم يسلم من نصوص ابي تمام النيسابوري إلا الأجزاء المعتدلة، بعد أن نسبت لغيره، وكذلك الحال مع نصوص السجستاني حين كان يعتنق الإسماعيلية على طريقة النسفي. بل جرى طمس جميع النصوص التي تشير إلى حلقة النسفي، حتى في الأعمال التي تنتمي الى النسخة المعيارية من الإسماعيلية، كما هو الحال مع الفصول الأولى (1) وهذه الفكرة بعينها موجودة في رسالة "كون العالم" المنسوبة للنسفي. وبالطبع فقد تعرض الغزالي لنقدها في "فضائح الباطنية" ص 67 .
Sayfa 40