============================================================
ريوسف: 76]. فأما "الرحمن" فهو لله عز وجل، لا يشركه فيه مخلوق. من ذلك قول الله عز وجل (قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى) [الإسراء: 110]. وإنما انفصل هذا الاسم من ذلك، أعني "الرحمن" من "الرحيم"، بتوحد هذا والاشتراك في ذلك، على تباين المعنيين، لأن الرحمة من الله إنعام وإحسان وتفضل، ومن الآدميين رقة وتعطف. والقادر [هو](1) الذي لم يزل قادرا، وهو قادر على كل شيء، والآدمي يقدر على ما قدر له، ويسلب إذا شاء فاعله . وإذا قلت "الرحمن" فهو اسم مبني على "فعلان" ، اشتقاقه من الرحمة .
قال: وقال المفسرون: في الرحمن الرحيم أحد الاسمين أرق من الآخر. والذي أذهب إليه أنه تفضل بعد تفضل، وإنعام بعد إنعام، وتقوية لمطامع الراغبين، ووعد لا يخيب آمله(2). هذا قول المبرد.
وقال غيره: "الرحمن" : الذي يرحم المضرور، ويقدر على دفع الضر عن ه برحمته. وهو نعت لله عز وجل، أي هو مالك للرحمة، إن شاء رحم، فكشف الضر، وهو عليه قادر، وإن شاء منع. والرحيم: الذي يرق له بالرحمة، فإذا رق له بالرحمة، تعطف عليه، فكشف الضر(3). وإنما قيل لله عز وجل "رحمن" لأنه يملك الرحمة، ويقدر على كشف الضر، إذا رق وتعطف. ولم يجز أن يقال لمخلوق "رحمن"، لأته لا يقدر كقدرته. فربما رق بالرحمة، ولم يقدر على كشف الضر عن المضرور. فقيل له "رحيم"، ولا يقال له "رحمن" لذلك.
وقد جوز قوم أن يقال للرجل "رحمن" على الغاية في الرحمة. وأنشد: [البسيط] سموت بالمجد يا ابن(4) الأكرمين أبأ فأنت غيث الورى لا زلت رحمانا(5) (1) زيادة منا لم ترد في الأصول.
(2) للمبرد كتب مفقودة لم تصل إلينا، وقد ذكر ابن النديم في الفهرست أن منها كتابأ بعنوان معاني القرآن4، قال إنه يعرف بالكتاب التام. ومن المحتمل أن النص المذكور من هذا الكتاب. انظر: الفهرست ص 83.
(3) المقطع من (برحمته) : زيادة من ب، سقطت من م وأخواتها والمطبوع. وفي بعضها تقديم وتأخير.
(4) هكذا في م وأخواتها، وفي ب : بين الأكرمين.
(5) استشهد الزمخشري في الكشاف 50/1 بالشطر الثاني من البيت، وذكر أنه قيل في مسيلمة الحنفي . ل 177
Sayfa 180