============================================================
وأبقيت في عقبي سبة مشاتم يحيين بعد الممات وروي عن أبي عمرو بن العلاء(1) أن نسرا كان صنما لبعض حمير، وكانوا فيما يزعمون مجوسا. وهم الذين [ورد ذكرهم](2) في كتاب الله: وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله [النمل: 24]. ويقال إن بقايا المجوس الذين كانوا باليمن والبحرين منهم.
ونقول إن الأعمال التي هي في شريعة الإسلام قد كان مثلها في اليهود والنصارى، ولكن لم يكونوا يسمونها بهذه الأسماء، لأن شرائعهم لم تكن بلسان العرب. فلما جاء الله بالإسلام، وبين هذه الأسماء، اقتدوا بأهل الإسلام، لا وصاروا عيالا عليهم فيها . وقد عرفوا فضيلة رسول الله صلى الله عليه وآله، وإن كانوا كاتمين لما كانوا(3) قد عرفوه، كافرين بنعمة الله عليهم حسدا وعنادا. هذا مع قبولهم وقبول سائر الأمم معهم آيات محكمات، وكلمات بينات، أتى بها رسول الله صلى الله عليه في هذه الشريعة، لم تعرفها الأمم. فلما وردث عليهم قبلوها اضطرارا(4)، مع إنكارهم نبوته عليه السلام، فجبلهم الله على المعرفة بأحكامها، وصرف قلوبهم إلى قبولها، والاقتداء بها، والإقرار بفضلها.
فأول ذلك كلمة الإخلاص، وهي قول "لا إله إلا الله" . هذه كلمة جعلها مركزا لدين الإسلام، وقطبا له . ولم تكن الأمم السالفة تقولها على هذا اللفظ وبهذا الاختصار، مع ما فيها من الحكمة البالغة، واشتمالها على نفي الكفر وإثبات التوحيد، وإزالة الشرك، ووجوب الإيمان. فلما قالها صلى الله عليه، ودعا الناس إليها، استعظمت العرب ذلك، لأنهم يسمون أصنامهم "آلهة" . فقال اله عز وجل حكاية عنهم (إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون ويقولون أينا لتاركو آلهتنا لشاعر مجنون بل جاء بالحق وصدق المرسلين) [الصافات: 36] . يعني جاء بها، وهي الحق(5) . وهي تشتمل على هذه المعاني (1) في الأصول: عن عمرو بن العلاء.
(2) زيادة ليست في الأصول.
(3) كاتمين لما كانوا: لم ترد في ه.
(4) في م: قبولا اضطراريا.
(5) في ه: وهو الحق.
Sayfa 157