============================================================
ضربا تواصى به الأبطال سجيلا(1) اي شديد.
وقال غير أبي عبيدة: الرواية "سجينا" بالنون، وخطأ أبا عبيدة في هذا التفسير (2).
قال أبو عبيد: الصواب عندي، والله أعلم، أن هذه الأحرف أصولها أعجمية، إلا أنها سقطت إلى العرب، فعربتها بألسنتها، وحولقها عن ألفاظ العجم الى ألفاظها، فصارت عربية. ثم نزل القرآن، وقد اختلطت هذه الألفاظ بكلام العرب على التعريب. من ذلك أنها قالت "في الطور"، وهو بالسريانية "طورا" ، و"اليم" وهو بالسريانية "يما"، و"الإستبرق"، وهو بالفارسية "إستبره"، وهو الغليظ من الديباج، وقالوا "سجيل"، وهو بالفارسية "سنك وكل"، حجارة العلين، فيما روي عن عكرمة. قال: ومن أسماء الأنبياء في كتاب الله تعالى إبراهيم وإسماعيل و موسى وعيسى، إنما هي بالعبرانية وبالسريانية: أبروهم وأشموئيل وميشا وإيشوا، فعربتها العرب(3). قال: فهذه الأسماء التي ذكرناها كلها عجمية الأصول، عربية الألفاظ، من قال إنها عجمية فقد صدق، ومن قال إنها عربية فقد صدق، لما سرت من الأصل واللفظ. هذا قول أبي عبيد(4) .
(1) أبو عبيدة: مجاز القرآن 296/1، 312/2. والبيت لتميم بن مقبل في جمهرة أشعار العرب ص 162، وديوانه ص 236، وأوله : ورجلة يضربون الأرض عن عرض .
(2) هو ابن قتيبة في تفسير غريب القرآن ص 208.
(3) رأي أبي عبيد، بعد نقل نص أبي عبيدة في مجاز القرآن، موجود بنصه في غريب الحديث5/ (4) انقسم علماء العربية القدماء إلى فريقين في الموقف من الكلمات الأعجمية في القرآن الكريم ؛ فريق يرى، لأسباب دينية، أن جميع ما في القران عربي، ولا يصح وصف كلمة فيه بأنها أعجمية، وهو فريق يتزعمه أبو عبيدة، وفريق آخر، يتزعمه أبو عبيد، يرى أن فيه كلمات من أصول أجنبية كثيرة. وتوسط علماء الاشتقاق المتأخرون بين الفريقين، فأخذوا برأي نقدي يوفق بين الرأيين، فهذه الكلمات أجنبية الأصول، ثم عربتها العرب قبل نزول القرآن الكريم بزمن طويل، فصارت عربية . وهذا ما أشار إليه الجواليقي حين استعار كلام أبي عبيد: "إن هذه الحروف بغير لسان العرب في الأصل، وقال أولثك على الأصل، ثم لفظت به العرب بالسنتها فعربته، فصار عربيا بتعريبها إياه. فهي عربية في هذه الحال، أعجمية الأصل" .
انظر : الجواليقي : المعرب من الكلام الأعجمي ص 53 .
148
Sayfa 151