============================================================
فهذا وما أشبهه يجوز أن يسمى "غناء" . فأما ما سوى ذلك فليس بغناء، ولا يجوز أن يسمى باسمه. فإن الملوك والنبلاء من الناس والصالحين قد أنشدوا الشعر وقالوه. ويجوز أن يعرفوا ذلك، وهو أدب لهم ورفعة لمنزلتهم إذا عرفوه.
ولا يجوز إذا أنشدوا الشعر وقالوه أن يقال: (1) "فلان مغن" أو "قد غنى"، فيكون هذا القول تهجينا له أو وضعا منه (2). والفرق بين الشعر والغناء بين. وقائل الشعر ومنشده بعيد من صفة المغني، رفيع الدرجة عن خساسة المغنين، وسقوط منزلتهم عند أهل الفضل وذوي الألباب.
[الاحتجاج بالشعر] وقد احتج العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من الفقهاء في غريب القرآن والحديث بالشعر، وروي ذلك عنهم. روى أبو عبيدة(3) بإسناد له عن عكرمة(4)، قال: رأيت ابن عباس وعنده نافع بن الأزرق، وهو يسأله ويطلب منه الاحتجاج باللغة، فسأله عن قول الله تبارك وتعالى والليل وما وسق) [(الانشقاق: 17]، فقال: وما جمع، ألم تسمع إلى قول الشاعر(5): [الرجز] مستوسقات لو يجدن سائقا(1) قال: وسأله عن قوله {قد جعل ربك تحتك سريا [مريم: 24]، فقال: هو الجدول، فسأله عن الشاهد، فأنشده: [الرجز] (1) جملة (ويجوز أن يعرفوا) : زيادة من م وأخواتها، أضيفت في ب في الهامش .
(2) في م وأخواتها : ويكون في هذا القول تهجين له أو وضع منه .
(3) هكذا في ب، وفي م وأخواتها : أبو عبيد، والصحيح ما أثبتناه. إذ نقلها عنه المبرد في الكامل.
(4) عكرمة بن عبد الله البربري، مولى ابن عباس، تابعي، توفي سنة 109، انظر حوله: طبقات ابن سعد 385/2، المعارف لابن قتيبة ص 455، وفي تاريخ خليفة بن الخياط ص 216 أنه توفي سنة 105.
(5) روايات سؤال نافع بن الأزرق لابن عباس كلها في الكامل للمبرد 158/3 ، بقليل من التصرف.
(6) الكامل للمبرد 158/3 . وفي م : زيادة في الهامش : قبله : إن لنا قلائصا حقائقا .ا 138
Sayfa 141