============================================================
ظهوره صلى الله عليه، وعانده(1) مردتهم وشياطينهم، فحملوا الشعراء على هجائه، وذم ما جاء به الإسلام، وترك عبادة الأوثان، وشبهوا كلام الله مرة بالشعر، ومرة بالسحر، ومرة بسجع الكهان، واستمالوا قلوب(2) العرب إلى ما طبعوا عليه، وإلى ما كانوا يتعارفونه بينهم ويتراضون بحكمه من دواوين الشعر ونبت القلوب عما لم يكونوا يعهدونه من شأن القرآن، وأحكام الإسلام، وأمر النبوة. فقابل رسول الله صلى الله عليه شعراءهم بشعراء المؤمنين، يقولون مثل قولهم، ويحذون حذوهم، فردوا عليهم، وبينوا فضل رسول الله صلى الله عليه و فصلوا بين القرآن الذي أتى به وبين الشعر وسجع الكهان وقول السحرة، وأظهروا في شعرهم أمر النبوة، ليفطنوا العرب لذلك، وليميزوا الشعر من القرآن و يعلموا أن النبي صلى الله عليه ليس بشاعر، ولا يقول الشعر، ولا يجيب الشعراء عن نفسه، بل يجيب عنه شعراء مثلهم، وينوبون عن أمره. وقد قال حسان بن ثابت: [الوافر] هجوت محمدا فأجبت عنه وعند الله في ذاك الجزاء فإن أبي ووالده وعوضي لعوض محمد منكم وقاء(3) وقد كان عمرو بن العاص هجاه، قبل دخوله في الإسلام، فقال صلى اللها عليه: اللهم إن عمرو بن العاص هجاني، وهو يعلم أني لست بشاعر، اللهم فاهجه والعنه عدد ما هجاني(4).
فكان رد الشعراء عنه نصرة له، ومعونة منهم . فلما اتصل من الدين النظام واستنار منار الإسلام، وظهرت كلمة النبي صلى الله عليه، وأجابته العرب، وخمد الباطل، ونسخت الشعراء، وبطل الاقتداء بهم، واستغني عنهم، صاروا أتباعا بعد أن كانوا متبوعين، وسألوا بالشعر، وتملقوا للملوك والخلفاء، وتضرعوا إلى أهل (1) هكذا في ب، وفي م وأخواتها: وعاذ بهم (2) في ب : بقلوب.
(3) ديوان حسان بن ثابيت ص 64- 65، صحيح مسلم 165/7، العمدة 53/1.
(4) غريب الحديث لابن قتيبة 287/1، شرح نهج البلاغة 222/6 (نقلا عن الواقدي) .
Sayfa 133