وقد تبنى مركز الرائد هذه الدراسة لأنه يرى أنها يمكن أن تحقق هدفين معا، تسهم في طرح القضايا التي لا بد منها في عملية تشكيل الهوية اليمنية المتوازنة، وثانيا لأنها قدمت فكر الزيدية بوصفه مشروعا فكريا وسياسيا في سياق المشكلة الحضارية التي تعاني منها الأمة، مقترحة ذلك المشروع كجزء ضروري من أي حل، وبهذا أبعدت الفكرة عن إطارها الطائفي الضيق، فأخرجتها من كونها قضايا مجردة غرضها الأساسي تكوين هوية، ولا علاقة لها بالواقع اليمي المعاش إلى قضايا غرضها الأساسي تغيير رؤيتنا جميعا زيدية وغير زيدية للحياة، وطريقة تعاملنا معها. وإذا كان يمكن للفكر الزيدي أن يلعب دورا حضاريا على مستوى الأمة، فإن أولى من يستفيد منه هو اليمن الذي رعى هذا الفكر وحافظ عليه عبر أحد عشر قرنا، وإذا كان لليمن أن يكون له دور حضاري فاعل على مستوى العالم فإنه لا غنى له عن استلهام هذا الفكر في مسيرته الحياتية. لقد جاء ولادة هذه الدراسة في اللحظة الزمنية المناسبة. وذلك بعد مضي أكثر من عقد من الزمن على الوحدة اليمنية المباركة، التي حملت في رحمها تباشير التعددية السياسية والحزبية، وجعلت من الديمقراطية توأمها الحي الذي لا يمكن الفصل بينهما إلا بموتهما معا، لقد أصبح من الضروري في هذه المرحلة أن تبحث اليمن عن مشروعها الفكري الذاتي، وأن تؤسس لدروها الحضاري، إن هذين الأمرين لا يتعلقان بفريق معين أو جماعة معينة أو منطقة معينة، بل يعنيان كل مواطن يمني يريد رسم مستقبل حياته وحياة الأجيال من بعده، وكل وطني يريد من اليمن أن يكون منطلقا لنهضة الأمة. وواضع هذه الدراسة شخصية تحمل الهم الإسلامي والهم اليمني، وقد درست العلوم الشرعية والتحقت بالحياة المعاصرة في جوانبها الأكاديمية والسياسية، ويقطع النظر عن النتائج التي توصل إليها، أو المنقولات التي طرحها، وسواء اتفقنا معه أو اختلفنا، فقد حاول أن يضع الفكر الزيدي في السياق الذي نريده ويبقى علينا، بصفتنا مجتمع حي ذات اهتمامات عالية، أن نتفاعل مع تلك المحاولة، وأن نتناول مضامين البحث ونثريها بالنقاش والحوار وصولا إلى رؤية أعمق وطرح أشمل. والله من وراء القصد. عبد الله هاشم السياني رئيس مركز الرائد22/9/2003م.
Sayfa 4