ولدى مقارنتنا بين تفسيره وتفسير البطروجي وجدنا أنه اعتمد عليه كليا، كما أننا قارنا بين الأسباب الثمانية المؤثرة في قوة المد وضعفه والتي عددها في رسالته، وبين الأسباب التي أوردها أبو معشر البلخي وجدنا أيضا أنه قد اعتمدها نفسها. بناء على ذلك فإن رسالة غروستيست لا تعد في مجملها أكثر من تجميع بين آراء العلماء العرب وتفسيراتهم لظاهرة المد والجزر، ومن ثم نقلها للغة اللاتينية. (3) المبحث الثالث: علماء القرن 16م
بعد إعادة اكتشاف أمريكا، اقترح العالم الإيطالي يوليوس قيصر سكاليجير (توفي 1558م)
J. C. ScaIiger ، في عام 1557م بأن المد والجزر لم يكن سببهما القمر فقط، بل أيضا ماء البحر الذي يتأرجح بين شواطئ أمريكا وأوروبا. لعله اقترح هذا من خلفية الظواهر المتكررة التي كانت معروفة آنذاك بأنها تحدث في بعض البحيرات الكبيرة في سويسرا.
10
ونلاحظ أنه كانت لدى سكاليجير أفكار حول تفسير المد والجزر اعتمادا على الجاذبية، مثل العلماء العرب،
11
حيث إنه استخدم تشبيه المغناطيس والحديد. كما أنه شبه حركة المد والجزر المتكررة بانقباض وتوسع القلب. وتحدث سكاليجير عن المد والجزر في المحيط المتجمد الشمالي، وحول بريطانية العظمى، في البحر الجنوبي، والبحر الأدرياتيكي، والبحر الأحمر، ونهر إندوس، ونهر غارون، ويوريبوس، وأماكن أخرى؛ وحاول تحديد أسباب خصائصها. وهو يعتقد أن امتداد القارة الغربية الطويل هو السبب في تناوب التدفق والانحسار. وكما هو الحال مع معظم الكتاب الأوائل، كان سكاليجير يجد صعوبة في حساب مقدار الانحسار؛ أي لماذا ينحسر البحر؟ ليس فقط بسبب كراهية الشواطئ ورد الجميل، ولكن أيضا لأنها تتبع القمر. إن الأمر يختلف عن حركة المحيط.
12 (4) المبحث الرابع: علماء القرن 17م (4-1) وليم جيلبرت
النظرية الشعبية الأولى التي نالت قبولا حسنا في المجتمع العلمي الأوربي، والمعقول لتفسير ظاهرة المد والجزر كانت تلك التي اقترحها الفيزيائي البريطاني وليم جيلبرت (توفي 1603م)
W. Gilbert ، رائد البحث التجريبي في المغناطيسية والكهرباء الساكنة؛ إذ إن اكتشاف جيلبرت الأكبر هو أن الأرض تعمل مثل مغناطيس كبير، والذي نشره في أثناء حياته. أما في عمله المنشور بعد وفاته في 1651م، وهو بعنوان «الفلسفة الجديدة لعالمنا تحت القمر»، فقد مضى فيه بعيدا ليقترح بأن الكواكب موجودة في مداراتها حول الشمس وذلك بوساطة الجذب المغناطيسي المتبادل، وما حالتا المد والجزر إلا عبارة عن ظاهرة للجذب المغناطيسي بين الأرض والقمر. وعلى خلاف النظريات المدية اللاحقة لجاليليو جاليليه (توفي 1642م)
Bilinmeyen sayfa