200

Hidayet Rehberi Zad-ül Mead

زاد المعاد في هدي خير العباد

Soruşturmacı

محمد أجمل الإصلاحي ومحمد عزير شمس ونبيل بن نصار السندي وسليمان بن عبد الله العمير وعلي بن محمد العمران

Yayıncı

دار عطاءات العلم ودار ابن حزم

Baskı Numarası

الثالثة (الأولى لدار ابن حزم)

Yayın Yılı

1440 AH

Yayın Yeri

الرياض وبيروت

فصل
ومن هاهنا يُعلم اضطرارُ العباد فوق كلِّ ضرورة إلى معرفة الرسول وما جاء به، وتصديقه فيما أخبر، وطاعته فيما أمر؛ فإنه لا سبيل إلى السعادة والفلاح لا في الدنيا ولا في الآخرة إلا على يدَي الرسل، ولا سبيل إلى معرفة الطيب والخبيث على التفصيل إلا من جهتهم، ولا ينال رضا الله البتة إلا على أيديهم. فالطيِّب من الأعمال والأقوال والأخلاق ليس إلا هديهم وما جاؤوا به. فهم الميزان الراجح الذي على أقوالهم وأعمالهم وأخلاقهم توزن الأقوال والأخلاق والأعمال، وبمتابعتهم يتميَّز أهل الهدى من أهل الضلال. فالضرورة إليهم أعظم من ضرورة البدن إلى روحه، والعين إلى نورها، والروح إلى حياتها. فأيُّ ضرورة وحاجة فُرِضت، فضرورة العبد وحاجته إلى الرسل فوقها بكثير. وما ظنُّك بمن إذا غاب عنك هديُه وما جاء به طرفةَ عين فسد قلبك، وصار كالحوت إذا فارق الماء ووُضِع في المِقْلى. فحالُ العبد عند مفارقة قلبه لما جاء به الرسول كهذه الحال بل أعظم، ولكن لا يُحِسُّ بهذا إلا قلب حيّ، و«ما لجُرْحٍ بميِّتٍ إيلامُ» (^١).
وإذا كانت سعادة الدارين معلّقةً بهدي النبي ﷺ فيجب على كلِّ من نصح نفسه وأحبَّ نجاتها وسعادتها أن يعرف من هديه وسيرته وشأنه ما يخرج به عن الجاهلين به، ويدخل به في عداد أتباعه وشيعته وحزبه. والناس في هذا بين مستقلٍّ ومستكثر ومحروم، والفضل بيد الله، يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم.

(^١) عجز بيت لأبي الطيب في «ديوانه» (ص ٢٤٥)، وصدره:
مَن يهُنْ يسهُلِ الهوانُ عليه

1 / 51