وكان حصن أم قبيبة هو الحصن الوحيد المقام على تل مرتفع عن الأرض، وكانت حصون الإسكندرية في سنة 1882م هي ذات الحصون التي كانت في عهد محمد علي مع فرق بسيط، وهو أنه لما سلحها الخديو إسماعيل بمدافع من طراز أرمسترونج رفع ستائرها وزاد في سمكها وفتح فيها كوات جديدة تتناسب مع هذا التسليح الجديد، ولكن كل المدافع كانت منصوبة في العراء بدون أن يعلوها أي وقاية تقي العساكر الذين يطلقونها، وقد يجوز أن يكون نصبها بهذه الكيفية أخف ضررا لو كانت هذه الحصون شيدت فوق مرتفعات؛ لأن علوها حينئذ بالنسبة للضلع التي تضطر السفن الحربية أن تصوب منها مدافعها يمكن أن يتخذ وقاية كافية لحماية جنودها من أذى القنابل، ولكن نظرا لأن كل هذه الحصون تقريبا كانت قائمة على أرض منخفضة نشأ من ذلك أضرار بالغة لرجال مدفعيتها الذين كانوا عرضة لنار مدافع السفن، وبالأخص لمدافع السربند المنصوبة على السواري والتي بواسطتها في هذه الحالة يمكن إسكات مدافع هذه الحصون بقتل جنودها وبغير حاجة إلى إتلاف هذه المدافع.
والحصن الوحيد الذي يمكن استثناؤه من هذه الحالة هو حصن قايتباي الذي كان في طبقته السفلى المسقوفة مدفعية مستورة بطبقته العليا، ولكن حيطانه لم تكن من المتانة بحالة تستطيع معها الاستهداف لمدافع هذا الأسطول، فقتلت وجرحت الشظايا التي كانت تتطاير منها كثيرا من الجنود، فضلا عما أحدثته من الضحايا والتلف للأهالي والمساكن، حتى لقد قال القائد جودريتش
Goodrich
أحد قواد أمريكا الحربيين في تقريره ص48: إن هذه الحرب لم تكن إلا دهليزا إلى مهاوي الموت السحيقة.
وقد كان هذا القائد على ظهر السفينة الحربية لانكاستر
Lancaster
وقت ضرب الإسكندرية، وشاهد هذه الموقعة وعاين هذه الحصون بنفسه بعد الضرب، وتتبع خطوات الجيش الإنكليزي في جميع حركاته العسكرية من أولها إلى ما بعد واقعة التل الكبير، وقدم تقريرا مفصلا لحكومته بكل ما عاينه ورآه، ومن هذا التقرير استقيت معظم معلوماتي.
وكان في كل الحصون بدون استثناء مبان عديدة مرتفعة عن ستائرها، مثل مستودعات القنابل والثكنات (القشلاقات) والمخازن . وكانت هذه المباني المرتفعة بهذه الكيفية كأنها نصبت لتكون هدفا عجيبا لا تخطئه نيران مدافع الأسطول، وكانت مستودعات البارود على الأخص غير مصونة الصيانة الكافية، ويؤيد ذلك انفجار مستودعي البارود في طابيتي الأطة والدخيلة. ومن العجائب أن مستودعي البارود في كلتا الطابيتين هما وحدهما اللذان أصيبا فانفجرا وتمزقا شر ممزق دون غيرهما من المباني التي فيهما، والقنابل لم تكن على وجه العموم معبأة من قبل في مدافع هذه الحصون، بل كانت تعبأ في خلال المعارك.
هذه هي الحالة التي كانت عليها حصون مدينة الإسكندرية في سنة 1882م وقتما ضربها الأسطول الإنكليزي. أما من حيث تسليح الحصون التي كانت في ساحل المدينة وكانت معرضة لمدافع الأسطول فكان كالآتي:
جدول : حصون ساحل الإسكندرية التي كانت معرضة للأسطول وقائمة بأسمائها والمدافع التي كانت بها.
Bilinmeyen sayfa