كان احتلال المستعمرات «وجاهة» عالمية في عرف الدول التي تريد أن تدخل في زمرة الدول الكبار.
مستعمرة، أي مستعمرة! مستعمرة والسلام، لا بل مستعمرة في الواقع والحرب الضروس والموت الزؤام.
وكثير من هذه الدول كان يستطيع أن يعيش بغير مستعمرات، لولا هذه الوجاهة المكذوبة التي اصطلحت عليها.
وكثير من عمد الريف عندنا كانوا يستطيعون أن يعيشوا بغير لقب الباشوية أو البيكوية، الذي خرب بيوتهم وبدد ثرواتهم وأغراهم بالمظاهر الكاذبة في غير حاجة إليه.
ويحسن الظن كثيرا بالدول الاستعمارية من يظن أنها أرجح عقولا من عمد الريف في مسألة المظهر والوجاهة.
كلهم والله قريب من قريب.
ولو أنك أحصيت ما أنفقته هذه الدول في القرن العشرين على السلاح والحرب وما كسبته من مستعمراتها، لرجحت كفة النفقات أضعافا على كفة المكاسب والأرباح.
وهذا مع سفك الدماء وإفشاء القلق والاضطراب، وتعويق نهضات التقدم والعمران.
وهكذا أصيبت اليابان بحمى الوجاهة الكاذبة، كما أصيبت بها الدول التي ظهرت أخيرا في المضمار، لتثبت «وجاهتها» ومساواتها للدول الكبار.
وهكذا أصبحت إيطاليا تستعمر طرابلس؛ لأنها ليست بأقل من فرنسا التي تستعمر تونس!
Bilinmeyen sayfa