ذهل مروان حين عرف من فرضانا أن العلماء يفكرون في إيجاد من يحل في الأرض عوضا عن البشر مستقبلا، عندما ينتقلون إلى كوكب «الأرض2»، واخترعوا هيوموروبوت شبيها بالإنسان، وأن توسي هو أحدهم. هذا النوع يستطيع أن يبتكر ويقوم بصناعة هيوموروبوت آخر، وهكذا تستمر الحياة في الأرض بخلق من إبداع الإنسان.
حدث مروان نفسه بدهشة: «خليفة الإنسان في الأرض يتشبه بالرب، يبدع خليفته كما أبدع الله خليفته في الأرض. عالم جميل لكنه يا للأسف كافر!» كبت غضبه وذهب إلى الحمام يلعن ويشتم سرا هناك؛ فقد أصبح يرى أن مريانا تقرأ أفكاره، وهو لم يعرف أنها تدري بتغير سلوكه، لكنها لم تبلغ عنه، وكانت تكلفة ذلك غالية.
5
كان مروان يخرج بصحبة الهيموروبوت الصغير «توسي» إلى الأسواق طوال اليوم، ويعودان عند غروب الشمس. تعلم من مروان الشيء الكثير.
بدأ مروان يرى أن العالم الذي يعيش فيه لا يدينون بالإسلام، فيه اختلاط الأنساب، والسماح بالعري في الأماكن العامة، والارتباط بسبع نساء، والسحاق .. أصبح باطنيا يظهر عكس ما يبطن؛ حتى لا ينبذ إلى جزيرة الشواذ، وزاد الصراع داخله، وتولدت الكراهية عنده من جديد، كما كان في حياته السابقة.
في عيد رأس السنة للإنسان الجديد، كان مروان يظن أن المدينة ستتزين، والناس ستلبس الجديد خلال الثلاثة الأيام، شاهد فقط بالونات ضخمة ارتفعت إلى السماء، مكتوبا عليها «عيد الإنسان الجديد لعام 301ب-ج.» ووعدته النسوة بنزهة إلى منتجعات الربع الخالي.
توجهوا إلى مدينة مأرب بصحبة توسي، مروا فوق مزارع وبساتين وجداول في أماكن عدة، إلى أن وصلوا مدينة «سبأ»، شاهد مبنى كبيرا في وسط المدينة غريبا في بنائه، بني من حجر به أعمدة ضخمة وساحة كبيرة. هبطت المركبة في ساحته، قيل له إنه «معبد إل مقة». سأل رجلا هناك يقف إلى جوار تمثال: هل أعادوا بناءه كما كان سابقا؟ - نعم. وجدوا مقبرة الملكة بلقيس، كانت في تابوتها وصولجانها في يدها، وكذلك تاجها على رأسها استنسخوها وأعادوها إلى الحياة. وهي التي أعادت تصميم بناء المعبد.
تفاجأ مروان بذلك الاكتشاف الأثري العظيم الذي لم يتحقق في زمانه. ظلت آثار زمن الملكة بلقيس مدفونة. لم تسع الدولة للتنقيب عنها بقدر ما كانت تسعى للتنقيب عن الثروات لنفسها. سأل النساء: هل صحيح وجدوا تابوت الملكة بلقيس، وأعادوها للحياة؟! - نعم، وستراها في متحف العظماء.
لم يصدق مروان هذا، وقال في نفسه: «كذب، كذب. بعث الموتى عمل لا يقدر عليه إلا الله.» عرفت مريانا بما حدث مروان به نفسه، لكنها لم تفصح عنه للغير. أرادت أن تستأثر به عن شريكاتها، وأخذت الأنانية فيها تظهر وتجرها إلى حب الذات لأول مرة في حياتها. دافعت عنه حين أخبرتها فرضانا بأن مروان رأى أن الرجل الذي حدثه عن بلقيس كاذب، وهذا يشير إلى عودة مروان إلى ما كان عليه قبل لقاح الأديان.
بقي مروان بجنب الرجل وحورياته يقطفن الفاكهة. وأخذ يريه بعض النقوش التي عثر عليها أحدهم فيه:
Bilinmeyen sayfa